احتفى منتدى الخط الثقافي بتدشين النسخة الجديدة من ديوان “بقايا الرماد” و”أشلاء وقوافي” للشاعر عبد الوهاب المهدي، والذي قام بجمعه وإعداده وإخراجه الشاعر السيد عدنان العوامي، وذلك وسط حضور كثيف ومتنوع، حيث شارك في حفل التدشين كلّ من عبد الرحيم الأحمدي والسيد عدنان العوامي.
وأدار الندوة الشاعر على مكي الشيخ، مفتتحًا إياها بمقدمة، قال فيها: “أن تتحدث عن شاعر ملهم، امتلك من الحبّ أنبله، ومن الجمال أرقه، ومن الشعر أعذبه، ومن الزمن ألطفه، أن تقف على سيرة شاعر تسرّب للعشقِ بكل تفاصيله القطيفية؛ فهذا يعني أنك تتحدث عن وطنٍ يتسعُ باتساع الضوء، الشاعر الذي أخلص للأرض، فأخلصت له الحكاية بكلّ أحداثها، فأصبح بحق شاعر الوطن، وشاعر الأرض، لا تمتلك حين تقرأ عن سيرته الشيء اليسير إلا أن تضعه في منزلة الرواد الذين صنعوا وابتكروا للحياة رئتها، وراحوا يمسدون عافية الحب والجمال، ويدهنون جسد الثقافة بالوعي والسموّ”.
وأضاف: “يذكرني هذا بقول الشاعر العراقي بُلند الحيدري “لا أستطيعُ أن أرى مبدعًا بلا أخلاق”، متطابقًا مع هيقل “كل ما هو جميل أخلاقي” فنحن أمام شاعر اتفق الجميع على تمازج أخلاقه بشعره، وروحه بفنه، فما أعذب الروح الإنسانية، وتعالقها الفني حيث تصنع شاعرًا اسمه عبدالوهاب المهدي”.
وتساءل الدكتور جميل الجشي: “هل تذكر تلك الأيام الحلوة التي كنت تستضيفنا فيها في ذلك البيت الصغير؟ لا، بل كان بيتك أجمل البيوت، وأهلك خير الأهل، لقد فتحت ذراعيك وقلبك لكلّ أصدقائك. نعم لقد عشت في القلوب طويلًا، وكان أحرى بنا ألا نكتفي بذلك”.
وشارك حسن علي الزاير” بقوله: “هل تود يا صديقي، معرفة المجتمع الذي تركته!؟ لا يزال كعهدك به، كم أنا صغير أمامك، يا وهّاب! فاجعتك تمثّل لي سقوط الهرم، وما رثائي إلا احتيال في انتظار سقوط أهرام أخرى! وهكذا تولد القصيدة، والكلمة من جديد”.
وقرأ عبد الرحيم الأحمدي -والذي جاء عنوة من الرياض للمشاركة في حفل التدشين- كلمة قال فيها: “إنني مدين بالشكر الجزيل للقائمين على هذه المناسبة، مناسبة الوفاء للإبداع والمبدعين، وذلك لتشريفي بحضور هذه المناسبة والمشاركة فيها بجهد المقل، وكم أنا سعيد بذلك لاسيما أنها احتفاء بصدور المجموعة الشعرية الكاملة للشاعر الراحل عبدالوهاب حسن المهدي، معززة بسيرته العطرة وما قيل عنه وعن مكانته الأدبية والاجتماعية بعد رحيله من قبل شعراء ونقاد جلوا بصدق ما كان عليه الشاعر من نقاء ونبل وحس إبداعي”، متابعًا: “لقد كان الشاعر قبل رحيله وزوجه وأطفاله شهيدًا شاعرًا ملهمًا صداحًا في كل مناسبة وطنية أو اجتماعية بما يناسبها من القول الحسن الذي يستمزجه المتلقي لجمال الكلمة الشاعرة الأبلغ تأثيرًا في النفس، واختلاج الصدور سرورًا، كان ذلك يوم كان للكلمة الشاعرة صداها وعشاقها المبدعون، كان الشاعر الراحل مجسدًا لروح زمنه مستجيبًا لتقاليد عصره المتطلع على ما أصبحنا عليه اليوم من تقدم مشرّف في كل مجالات النمو والتطور”.
وأكمل: “لا أزيد، فقد كفاني الكُتّاب والنقاد الكلام عن الشاعر بما أتوا به من صدق المشاعر المستحقة عن الشاعر، حتى أصبح هذا السفر القيّم مرجعًا شاملًا لإبداع وسيرة الشاعر القدير، لقد بذل الأديب الفاضل عدنان العوامي في سبيل جمع شعر الديوان وإعداده وإخراجه جهدًا مضنيًا حتى جاء الكتاب مجيبًا عن كل تساؤل عن الشاعر؛ فله منا الشكر والتقدير وهو شكر مستحق له ولصاحب المبادرة بتحمل نفقات الطباعة الدكتور علي الصادق، وللقائمين على هذه الندوة وكل من ساهم في إثراء هذا السفر القيم الذي يبقى شاهدًا مدى الأجيال على سيرة شاعر مبدع وتكريم هو جدير به، وفي الختام أدعو الله أن يحفظ بلادنا وأن يمتعنا بالأمن والاستقرار وأن يوفق خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وأن يوفقنا مواطنين أبرارا”.
بدروه، ألقى الشاعر السيد عدنان العوامي كلمة جسدت جانبًا من معاناة الشاعر الحياتية، جاء فيها: “قبيل فجر الإثنين السابع من شهر صفر 1406شبّ حريق في منزل صديقي العزيز الشاعر عبد الوهاب المهدي (المعروف بالمجمر) فأتى إلى المنزل، وصاحبه، وأفراد عائلته كافة، زوجه، وأولاده، وكتبته، ودواوين شعره (المخطوطة) فكان لهذا الحادث الأليم صدى مدوٍّ، ليس في القطيف وحدها، وإنما في أرجاء المنطقة بكاملها، وبعد انقضاء أيام العزاء ذهبت إلى المنزل المنكوب، فوجدت أنقاضه قد رفعتها البلدية، فلملمت من بين ما تبقى من أنقاضه وأشيائه المحترق، بعض الأوراق المتخلّفة عن الحريق وتخيّرت بعضًا منها، دفعتها إلى المطبعة في ديوان (بقايا الرماد) وهو اسم على مسمى، فهو البقايا التي استنقذها من براثن الرماد حقيقة”.
وتحدث عن علاقته بالمرحوم وما كان يمثله من ريادة في الأدب القطيفي، ثم شكر كل من شارك في طباعة العمل وإنجازه وظهوره إلى النور، بعد ذلك فتح المجال للمداخلات والتي شارك بها كل من الفنان محمد السنان، والدكتور حسن البريكي، وصالح العمير، وأديب الخنيزي، وراعي المنتدى فؤاد نصر الله.
وفي الختام، تقدم كل من حسن محمد أبو السعود، وشاكر عبدالله نصر الله، وعلي حسن أبو السعود؛ لتكريم المشاركين، وكانت لفتة كريمة من المنتدى بتكريمه الدكتور علي محمد الصادق لتكفله بنفقات طباعة الديوان في نسخته الجديدة.