من هو العاجز؟ أهو ذلك الإنسان الذي تقدم به العمر فأصبح جليس البيت لا ينجز أي عمل؟! أو أنه ذلك الإنسان الذي أصيب في حادث ما فأصبح عاجزًا؟! هل هو ذلك الطفل المصاب بمرض ما مسببًا له إعاقة ما؟!
وكما يقول الدكتور إبراهيم الفقي: العجز ليس أن تكون بلا قدم وساق! العجز أن تكون بلا غاية ولا هدف! العجز أن تكون مكتئبًا حزينًا وأنت تمتلك السبل لتكون ناجحًا سعيدًا!
للعجز عدة صور، قد تكون تلك الصور السابقة ولكن هناك صور أخرى، نذكر منها:
العجز عن فهم الذات
العجز يبدأ من ذات الإنسان فهو لا يعرف ذاته، لا يعرف قدراته وإمكانياته، لذلك تجده جامدًا على حاله، لا يتقدم ليس لديه تطلعات وليس لديه أحلام يرغب في تحقيقها في المستقبل. وبعبارة “كل من يهمل ذاته فهو عاجز”، كما قال الإمام علي (عليه السلام): لا عاجز أعجز ممن أهمل نفسه فأهلكها (1).
كما أن العاجز هو من يعرف بنقاط الضعف في ذاته ولكنه لا يصلحها كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أعجز الناس من قدر على أن يزيل النقص عن نفسه ولم يفعل (2).
العجز الروحي
قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [سورة غافر/ (60)]. هل هناك أية أكثر صراحة من هذه الآية؟! فهي دعوة صريحة لتوثيق العلاقة بالله عبر الدعاء، ذلك لأن الدعاء هو معراج الروح، بل هو لغة الإيمان وينبوع الفضائل ومحور القيم العبادية، وبالدعاء تنمو روح الإنسان. إلا أن البعض يجهل هذه الحقيقة وتكون حياته خالية من هذه الروح، فيعجز عن مناداة الله في السراء والضراء، فيكون إنسانًا عاجزًا روحيًا، كما قال الإمام علي (عليه السلام): أعجز الناس من عجز عن الدعاء (3).
العجز الاجتماعي
وهناك عجز على الصعيد الاجتماعي، فمن لا يعرف كيف يكسب الأصدقاء فهو عاجز ولكن هناك أعجز منه وهو الذي لا يعرف كيف يحافظ على الصداقة ويستثمرها كما ورد عن الإمام علي (عليه السلام): أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم (4).
بل هناك أعجز من هذا وهو من يفتقد مفاتيح العلاقات الاجتماعية، كالابتسامة للآخرين، والتحدث معهم بلباقة، وكذلك من لا يعرف فنيات الصداقة كالسؤال عن الاسم والمنطقة كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن من أعجز العجز رجل لقي رجلًا فأعجبه نحوه، فلم يسأله عن اسمه ونسبه وموضعه (5).
العجز الفكري
ومن مظاهره عيش حالة المحدودية في التفكير وعدم الانطلاق في هذا الكون الفسيح، وعدم إنتاج أفكار إبداعية تتماشى مع المتغيرات الجديدة.
التفكير هو نشاط، وهو حياة ولذلك قال الإمام الحسن (عليه السلام): التفكر حياة قلب البصير (6).
وينبغي للإنسان أن يديم عملية التفكير، ويستثير عقله، يقول الإمام علي (عليه السلام): نبه بالتفكر قلبك، وجاف عن الليل جنبك، واتق الله ربك (7).
حسن الرميح مثال التحدي
حسن محمد الرميح الذي يبلغ من العمر 16 عامًا من شباب مدينة سيهات، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة حيث يعاني من مشكلة الأطراف اليدين والقدمين، تجده في أغلب المحافل الاجتماعية، فجر مواهبه وإبداعاته، وتحدى الإعاقة ليحقق المراكز الأولى في العديد من المسابقات.
يتمتع بروح تفاؤلية، يرفض اليأس، ولديه شخصية قيادية إبداعية، بل هو أيقونة الإبداع والتميز. فهو مثال لكل من يرفض الوقوف عند نقطة معينة ويرفض التقدم، ويرفض التجديد والإبداع. فلا تكن عاجزًا بل كن منطلقًا مبدعًا، كن ذلك الإنسان المنتج المتجدد ليكون النجاح حليفك.
الهوامش:
(1)، (2) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 1826
(3) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 1827
(4)، (5) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 1827
(6)، (7) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 2463