مذ كانوا يطلقون عليها (تاروت) إلهة الحب والجمال ما زالت القطيف تلك الواحة السماوية الغافية بأمان على شواطئ الخليج العربي الناثر لرذاذ موجه على صباحات شرقية يستنشق منها عبق خمسة آلاف سنة للحضارة. كان الخير والزرع والماء والثروات عنوانًا أبديًا وهوية اتسعت حدقات اللوحة العشتارية ترسم فيها كل عام إبداعات فنانيها المعبرين عن الانتماء والامتداد للحضارة الإنسانية التي امتدت جذورها من هنا؛ إذ تقيم جماعة الفن التشكيلي التابعة لنادي الفنون بجمعية التنمية الأهلية بالقطيف وضمن مبادرة مركز الملك عبد العزيز الثقافي (إثراء، مبادرة الشرقية تبدع 2022) وبالتعاون مع بلدية محافظة القطيف وبمشاركة ثمانين فنانًا وفنانة من أبناء المنطقة الشرقية عامة والقطيف خاصة وهم يعرضون نتاجاتهم الإبداعية الناطقة باسم الحب والاتساق والانسجام للمنطقة الشرقية وقبلها المملكة العربية السعودية وذلك على قاعة علوي الخباز بالمجيدية. ففي الساعة السابعة من مساء الخميس تم افتتاح المعرض السنوي العشرين “تقاسيم” والذي سيستمر إلى يوم 16 نوفمبر.
وكان الافتتاح على شرف الفنان زمان الجاسم الذي نوه بقوله عن معرض تقاسيم: “نحن على العهد مستمرون لأكثر من 25 عامًا على تأسيس الجماعة ونادي الفنون، نعم ربع قرن من العطاء في مجالات الفن التشكيلي والسفينة مبحرة”.
يأتي المعرض العشرون في حلة أنيقة وجميلة مفعمة بالأساليب المتنوعة والتجارب الثرية. ومن أصداء المعرض ما ذكره الأب الروحي لجماعة الفن التشكيلي بالقطيف، السيد علوي الخباز حيث قال: “معرض تقاسيم رقم 20 لجماعة الفنون التشكيلية بالقطيف الذي تشرفت بحضوره، جاء بالثوب اللائق بتاريخ الجماعة وسمعتها وأسماء لقامات فنية كبيرة، وقد سررت كثيرًا بهذا الكم الهائل من المشاركين والتنوع المتعدد في الأنماط الفنية وكذلك الأسماء المشاركة لأول مرة وقوة طرحها كنجوم واعدة في سماء الفن والتي تؤكد أن القطيف أرض خصبة ولادة بالمبدعين في مختلف مجالات الحياة والفن أحد هذه المجالات الثرية بالمواهب والمبدعين
فهنيئًا للجماعة بهذا النجاح” وشهدت ليلة الافتتاح كثافة في أعداد الزوار من كلا الجنسين كبارًا وصغارًا، والذين غصت بهم الصالة والفرح يرتسم على محيا الجميع إعجابًا وافتتانًا بالأعمال الفنية، هنيئًا لقطيفنا الحبيبة بتألق الفن في سمائها.
وكان من بين الحضور الفنان التشكيلي الكبير الأستاذ عبدالعظيم شلي الذي قال بتصريحه عن المعرض السنوي الجماعي: “هو امتداد لسلسلة من المعارض الناجحة التي هي بمثابة أساسيات وطوابق وبنايات وديار مليئة بالفن والجمال حيث اجتمعت الأسماء العريقة والرائدة والأسماء الشابة والواعدة لتشكل لوحة بانورامية تعانق تخوم الإبداع”.
وختامها مسك مع رئيس جماعة الفن التشكيلي الدكتور كميل المصلي الذي قال: “تقاسيم وهو تناغم مجموعة من اللوحات بأساليب مختلفة، تشكل مقطوعة واحدة، ومن ميزة التقاسيم في الموسيقى العربية أنها تفاجئك بالألحان والإيقاع وتشد انتباهك ولا يمكن توقع أحداثها. وهنا في هذا المعرض، تمركزت هذه الفكرة في طرح نتاج أعضاء الجماعة لهذه السنة؛لغرض الدراسة والمقارنة، وقراءة حالة التطور لدى الفنان، خصوصًا بما قامت به الجماعة من أنشطة وفعاليات ومحاضرات على مدار السنة”.
أنامل فناني وفنانات القطيف المتناثرة ألقًا وجمالًا في معرض الجماعة السنوي (20 تقاسيم) وما شهدناه في ليلة الافتتاح بهذا الكم الهائل من الحضور الغفير والتفاعل مع كل لوحة وعمل تشكيلي لهو دليل على تنامي رقعة الفن في محافظة القطيف، بل تجذره في أرضنا الحضارية الضاربة جذورها في عمق التاريخ.
ليلى مال الله – فنانة تشكيلية