في مولد الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام) :
ترنّمْ فإن الشعرَ أبلغُ في الشكوى
و خيرُ نديمٍ من تغنى بمن يهوى
فإن حديثَ العشقِ للقلبِ راحة
و من سامر العشاق كانت له السلوى
فكم عاشقٍ يخفي من الشوقِ حرقة
ويفضحه دمعٌ على خدهِ روّى
إذا غردت فوق الغصونِ يمامةٌ
تجاوب بالآهاتِ من يكتمُ الشكوى
فؤادي بأصحاب الكساء متيمٌ
فما برحت روحي و قلبي لهم مأوى
كما الطير قلبي كلما مرَّ ذكرهم
يمدُّ جناحًا نحو غايته القصوى
سرت نحو سامراء مهجة عاشقٍ
تبثُ بها الأوجاع و الشوق و النجوى
إلى العسكري سرنا نشدُّ رحالنا
نشمُّ عبير الخلد تغمرنا النشوى
إلى أن تراءت صورةٌ من خيالهِ
هو البدرُ في حسنٍ و أنواره أضوا
و فيهِ بهاءٌ ليس في الناس مثلهُ
و هيبةُ إيمانٍ تجللهُ التقوى
هو ابن الهدى قد شاع في الناسِ فضلهُ
و كلُّ فوادٍ مال عن نهجكم يغوى
أتيتك أستسقي غمامةَ رحمةٍ
فقد أجدبت نفسي و أظلمت البلوى
فأنت غياث اللهِ موضعُ فضلهِ
على الناس في الأيام جودك لا يُطوى
فقد مسّنا ضرٌّ و أظلمت الدُنى
تشفّع لعل البؤس عن أهلنا يُزوى
و حسبك يا مهدي ضاقت صدورنا
و كلُّ بقاعِ الأرضِ صارت لنا تتوى
متى يشتفي قلبٌ من الغيظ و الأسى
يبيت على جمرٍ و من حُرقٍ يشوى
لئن كذبوا قول الرسول و وعدهُ
فعند بياض الصبح تنكشف الدعوى
سيبزغ فجر النصر من كف مصلحٍ
فيملؤها عدلا كما ملئت شكوى
و إن فجر الحقد اللئيم ضريحهُ
فكلُّ قلوب المؤمنين له مهوى
سيبقى على مرَّ الزمانِ منارةً
تشعُّ بنور الحق و المنهجُ الأقوى
يزيدُ بريقًا كلما زاد حقدهم
أليس بريق النور في حندس يقوى
ندين بدين العشق لله طاعة
و من صح منه العشق بالنار لا يُكوى
هنيئا لعشاق أناخوا ببابه
فحاجاتهم تُقضى و ظآمئهم يُروى
و في القبر غفران الذنوب و رحمة
و كلُّ امرءٍ يوما يُقاضى بمن يهوى