بيت الزوجية قصر مَشِيد يؤسسه الزوجان بقواعد مرحلية، يضع الزوج أُولى لبناته المذهبة، تتبعه الزوجة بثانية حتى يُنجز ويصبح بنيانًا مرصوصًا شامخًا تنبت الزهور في أحضانه يُشم منه روائح السعادة والوفاء ويتقاسم الاثنان الهموم، والاحترام بينهما متبادل.
هكذا يتحقق الهدف المنشود من تأسيسه وما يجب عليه أن يكون، حتى إذا ما وسوس الشيطان وصوّب سهامه نحوه سلب منه المحبة والمودة فُقدت الثقة جفت العواطف كثرت الأشواك عن يمين وشمال سادت الشكوك حلت الخلافات، وعُطل العمل بالآية الكريمة 21 من سورة الروم {وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَآيَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ} وكأنها لا تعني شيئًا “لا قرآن يُتلى ولا وحي نزل بها” قست القلوب انهارت القواعدُ تداعت الجدران ولها حنين وأنين أولاد وبنات، وقع السقف وبرز عشيقا الأمس للقتال في حرب أشبه بالتي بين بلدين قديمي العداء منقسمَين إلى فرقتين الكل يسعى لتحقيق النصر، تترك الزوجة بيتها مضطرة مطالبة بالقانون السماوي “إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان” ولا مجيب: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [سورة البقرة: 229].
الأولاد أسرى صراع قائم دون تسوية وإلى شتات لا وجهة مأمونة ولا محطة قرار. تُخضع أفكارهم للتعبئة العامة المشوبة بما يسيء للطرفين حتى تضع الحرب أوزارها وقد تمتد لسنوات، بعدها يُنظر في أمرهم في مجتمعنا ما يدمي الفؤاد مما تتعرض له الحياة العائلية من مشكلات لا يصدّقها إلا مَن عايشها أو قرُب منها، محاكمات على خلاف مخجل “أيًا كان مصدره” يتحاشى العاقل ذكرها خوفًا من التكذيب، تطول المدة مساومات خُلع غير مقدور عليها محاولات إصلاح غير مسموعة “توجد حالات لأكثر من ثماني سنوات ولا زالت، لا الزوج راضٍ بطلاق أو بما بُذل له ولا الزوجة متناسية ما مضى وعائدة لزوجها” كم من زوج يعاني الأمرين من امرأة حمقاء متعسفة وأينما تولى تولته بعضهن بأسوأ مما كان من امرأتي نوح ولوط “عليهما السلام” لو صُب خبثها على صخر لتفتت وذاب تشعل البيت جحيمًا وكم زوجة تتمنى لو دنا أجلها مِن قسوة ما تلاقي من رجل ظالم سيء الخلق وحشي المعاملة لا خارج البيت منه مُستراح ولا داخله أمنٌ وفلاح بعض الرجال لا يستحق أن يسمى إنسانًا، الـ(؟؟؟) أطهر منه وأزكى خلقًا وأمنًا وتعاملًا لا يستحي مما تستحي منه البهائم من قسوة ووقاحة “أولاد يتمنون موت أبيهم حتى يلبسون جديد الثياب وما ذلك إلا لشدة معاناتهم منه” والأمر فيما يخص الزوجة بيده إن شاء أبقى وإن شاء يسر لماذا يؤذي؟ هم أناس دم وروح وإحساس.
(1) لا تغلقها: قالت وقلبها يفيض عليك حقدًا وبصوت سمعه الجيران ومن بالطريق: أكرهك لا أريد العيش معك إن أبقيتني أرك ما تكره لم يبق من خير ترجوه منها؟ إلى أن تنال منك ما لا يُحمد؟ ألا تراه ذلًا لك وهوانًا بك وتنازلًا عن حشمتك ومروءتك؟ “إن كانت فيك الرجولة لا يحل ظلام الليل حتى تصلح ما بينمكا” الصلح خير “أمَا وقد استُنفدت الحوارات وسُدت الطرق فلا مكان لها بعد الذي سمعتَه منها” تعصبك ممقوت إن قاومت به اليوم عانيت منه غدًا.
(2) لا تعلقها: تحديك بهذه الطريقة البشعة ولمدة طويلة دليل فشلك، يسمع به الجميع تشغل المحاكم الشرعية والدوائر الرسمية والمقربين منك ومنها طابور التفرج جاهز وبين قائل ما لا أصل له أنت حولت سيئاتها حسنات إن كانت فيها وسُلبت طيباتك إن وجدت بموقفك هذا يصعب بحثك عن أخرى سمعتك تلوثت بما يشين وأنت الفاعل، سوف تجد ما تطلب ولكن لا تضمن أنه الأفضل لا تظن أنك تنتقم منها بل لنفسك أسأت من حيث لا تشعر لأنك من خمر الأنا ثمل.
(3) لا تعلقها: كانت لك سكنًا وعرسًا وربما لأولادك أمًا وحصل ما يفرق ويستحيل البقاء معها إن كان منك أو منها “حياتكما البينية أسرار غامضة لا يعلم حقيقتها إلا أنتما” لماذا الانتقام؟ العصى بيدك اقبضها من منتصفها واختر خيرها عامل بمعروف أو الأسوأ ولكن بإحسان” من العيب أن تعصي خيارين أمر بهما خالقك جل في عُلاه وهو الأعلم، فلا تجمع بين فشلين، الإمساك أو التسريح” لا تظلمها وإن ظُلمتْ، سامحها وإن لم تستحق لترفع من قدرك وأخلاقك وشأنك لتريح ومما يشغلك تستريح، لا تعلقها فتعلق بين شفاه لا ترحم العفو عن أخطاء مضت من الآخرين عند المقدرة شيم العظماء ألا تحب أن تكون عظيمًا؟ يا ليت قومي يسمعون.