كيف تكون غنيًّا؟!

لا تحلم بحديقة واسعة ودار وسيّارة فارهة وغير ذلك، وأنت نائم! استيقظ واحمل فأسك، سيمدّك الله بالقوة وتُحقق الآمال! وبدلًا من السفسطة الخالية من الصورة أنقل لكم حكايةً فيها حركة:

أصاب أنصاريًّا حاجةٌ فأخبر بها رسولَ الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له: آتني بما في منزلك ولا تحقر شيئًا فأتاه بحلسٍ وقدح. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للحاضرين: من يشتريهمَا؟ اشتراهما أحد الحاضرين بدرهمين. قال النبي (صلى الله عليه وآله) للشابّ: ابتع بأحدهما طعامًا لأهلك وابتع بالآخر فأسًا. أحضر الشابّ فأسًا وأثبت النبيّ في الفأسِ نصابًا بيده وقال له: اذهب فاحتطب ولا تحقرن شوكًا ولا رطبًا ولا يابسًا، ففعل ذلك خمس عشرةَ ليلة فأتاه وقد حسنت حاله، فقال (صلى الله عليه وآله) هذا خير من أن تجيءَ يوم القيامة وفي وجهكَ كدوح الصدقة.

بيننا وبين النبات اشتراك في خاصيّة طبيعيّة؛ إذا زاد الماءُ عن الحدّ المطلوب قريبًا من جذور الشجر لا تذهب جذور النبات بعيدًا وبعضه يصاب بالضعف والآفاتِ ويموت. في حياتنا نرى ذلك واضحًا، المعونة الخاطئة لأصنافٍ من البشر تضر أكثر مما تنفع!

ربّ قائلٍ يقول: كان ذلك قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة، اليوم لا حطب ولا فأس، هذه الأفكار عفا عليها الزمانُ ومحاها! في ذلك الزمان والآن وبعد مليار سنة، الله سبحانه يرزق من يشاء بغير حساب، الرزق في الحركة والمشي. رزق الله بالإمكان أن يكون مليارًا أو مليونًا، وفي أقل الأحوال الغنى عن ذلّ السؤال:

قال بعضهم: وقفتُ على كنيف “مرحاض” وفى أسفله كنَّاف، وهو ينشد:
وأُكرم نفسي عن أمورٍ كثيرة ** ألا إنّ إكرامَ النفوسِ من العقلِ
وأبخل بالفضلِ المبين على الأولى ** رأيتهمُ لا يكرمونَ ذوي الفضلِ
وما شانَني كنسُ الكنيفِ وإنّما ** يشين الفتى أن يجتدي نائلَ النذلِ
وأقبح ممّا بي وقوفي مُؤملًا ** نوالَ فتىً مثلي، وأيّ فتى مثلي

من لا يصدق أن الأعمال البسيطة – مع توفيق الله – تجلب الملايين، فليقرأ بعضًا من سير الناجحين والأغنياء حول العالم! أما من هو غير مهتمّ بالبحثِ عن عمل، فإن قومًا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما نزلت الآية {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، أغلقوا أبوابهم وأقبلوا على العبادة وقالوا قد كُفينا فبلغ ذلك النبيّ (صلى الله عليه وآله) فأرسل إليهم فقال ما حملكم على ما صنعتم فقالوا يا رسولَ الله تكفلَ لنا بأرزاقنَا فأقبلنَا على العبادة، فقال لهم: “إنه من فعل ذلك لم يستجب له، عليكم بالطلب”.



error: المحتوي محمي