ما لا تعرفه النساءُ عن وفاءِ الرِّجال!

حكايات وفاء الرجال لا تعدّ ولا تحصى: وجدت دراسة استقصائيّة، أجريت في سبتمبر 2013م، شملت 1005 بالغين أجراها برنامج “60 دقيقة” و”فانيتي فير” أن 70% من الرجال يرغبون في أن تعيش زوجاتهم أكثر منهم. بالنسبة للسيدات، قالت – فقط – 62% من النساء إنهنّ يرغبنَ في الموتِ قبل أزواجهنّ!

أنا أجزم أن نسبةَ الرجال الذين لا يمانعون أن يموتوا قبل زوجاتهم – في مجتمعنا – لا تقل عن 90%! لا أعلم إذا كان القارئ العزيز يظن غير ذلك!

كثيرًا ما يسمع النَّاس عن وفاء النساء، وفعلًا في النساءِ من هنّ وفيّات إلى حدّ السيف! اضطلعَ القارئُ العزيز على وفاء الرباب بنت امرئ القيس، زوجة الإمام الحسين (عليه السلام) بعد شهادته، حيث بقيت بعده سنةً لم يظلّها سقف بيتٍ حتّى بليت وماتت كمدًا، وقيل إنّها أقامت على قبرهِ سنةً وعادت إلى المدينة فماتت أسفًا عليه وقالت:
إلى العامِ ثمّ اسمُ السلامِ عليكما
ومن يبكِ حولاً كاملاً فقد اعتذر

ونسب إليها أبيات شعر حزينة جدًّا قالتها في رثاءِ الإمام الحسين (عليه السلام) منها:
إنَّ الذي كان نورًا يستضاءُ به ** بكربلاءَ قتيلٌ غيرُ مدفونِ
سبط النبيّ جزاكَ اللهُ صالحةً ** عنّا وجُنّبتَ خسرانَ الموازينِ
قد كنتَ لي جبلاً صعبًا ألوذُ به ** وكنتَ تصحبنا بالرحمِ والدِّينِ
مَنْ لليتامى ومَنْ للسائلينَ ومَنْ ** يعنى ويَأوي إليهِ كلُّ مسكينِ
والله لا أبتغي صهرًا بصهرِكُمُ ** حتّى أغَيَّبَ بين الماءِ والطينِ

وامرأة المختار الثقفي، حيث دعا مصعب بن الزبير بامرأتي المختار، أمّ ثابت ابنة سمرة بن جندب، وعمرة بنت النعمان بن بشير، فدعاهمَا إلى البراءة من المختار، فأمّا أمّ ثابت فإنها تبرأت منه، وأبت عمرةُ أن تتبرأَ منه. فأمر بها مصعب، فأخرجت إلى الجبَّانة، فضربت عنقها. فقال بعض الشعراء في ذلك:
إن من أعجبَ العجائبِ عندي *** قتل بيضاء حرَّة عطبولِ
قتلوها ظلمًا على غيرِ جرمٍ *** إن للّه‏ درها من قتيلِ
كتب القتلُ والقتالُ علينا *** وعلى المحصناتِ جرّ الذيولِ

يعني لا أكون وفيًّا إلا إذا قلت: أنا مستعدّ أن أموتَ قبل زوجتى؟ لا، يكفي الرجل وفاءً أن يقوم من منامه كلّ صباح ويعرّض نفسه للمخاطر، يكدّ على عياله “إن الذي يطلب من فضلٍ يكف به عياله أعظم أجرًا من المجاهدِ في سبيل الله”. يكفي الرجل وفاءً أن يحمي عياله من غائلاتِ ودواهي الزمان!

يكفي الزوج وفاءً ألا ينظر إلى غير زوجته ويحفظ سنواتِ العشرة! عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): “وأما حقّ الزوجة فأن تعلم أن الله عزّ وجل جعلها لك سكنًا وأنسًا فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليكَ فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليكَ أن ترحمها”.



error: المحتوي محمي