من الخاطر: تمتع بالحياة

القارئ الكريم، توقف عن سكب الماء بكثرة على بذور أحلامك المستقبلية.. لربما الانشغالات المبالغ فيها سوف تحزن حياتك.

لن أستعرض تجربة أحد الأشخاص من المجتمع حتى لا يقع الحرج، سوف أستعرض جزءًا من تجربتي، حين دخلت عالم المهنة حرمت نفسي من النوم ودفنت نفسي في ثوب العمل.. ليلًا وصباحًا في العمل من أجل كسب كثير من الأموال لتلبية متطلبات أسرتي، عندما أصبحت “أب” خدعني الزمن فكان همي الشاغل أن أنتظر ابنتي تقول لي “بابا”.

في الوقت الحالي بعد الظلام يشرق الصباح بنور الشمس الذي يلامس شعري ويبين لي شعرات الشيب في رأسي، ثم شقوق حفرت قسمات وجهي من التجاعيد، أدركت أنه لا شيء يستحق المبالغة والاهتمام.

أتذكر أمي التي أخبرتني أن كثرة المحبة تفسد الشيء فكثرة سكب الماء على الورد يقتله، فلا تدلل ابنك بكثرة حيث إن كثرة التدليل تفسد أخلاق الطفل وتجعله شخصًا أنانيًا.

أتفق مع القارئ الكريم في أن احتضان الطفل أمر أساسي في توازنه الروحي والعقلي لكن باعتدال. اليوم وغدًا أولادي سوف يهجروني ويرحلون إلى أحضان الحياة لتحقيق مستقبلهم فلا يوجد متعة لكلمة “بابا”.

من الصباح أقف أمام المرآة، ثم أفتح ستار الصمت، بعدها أهمس إلى مشاعر نفسي التي أصبحت كاهلة من كثرة الاهتمام في سقي ورود أحلامي، أصبحت اليوم أتردد في الجلوس في المقاهي وأمام البحر، أتذكر كيف كنت قاسيًا على نفسي من المبالغة في رحلة حياتي.

صديقي القارئ، لا ترهق عقلك وجسدك في حياتك اليومية، تمتع بالحياة بالنوم على الوسادة بمقدار كافٍ؛ لا تراقب الناس وتحسدهم حيث إن كل إنسان له ظروفه الخاصة به حتى استطاع أن يقف على رجليه… اجعل الأمور بسيطة لا تبالغ في الاهتمام بأسرتك، ولا تبالغ في حب أصحابك، اجعل نفسك إنسانًا بسيطًا… لا تكن شخصًا أنانيًا، حاول مشاركة الأصدقاء في مشكلاتك.

على مستوى التجارب العلمية؛ جامعة كولديج من لندن قدمت بحثًا إحصائيًا يخص التمتع بالحياة، فكان الناتج بناء معادلة متساوية الطرفين، حيث التمتع بالحياة له علاقة كبيرة بالعيش حياة أطول. بينما الاكتئاب والمبالغة الزائدة في الاهتمام مؤشر سلبي على صحتك.

اجعل نظرتك (كِ) للحياة أكثر بهجة من الشعور بالمتعة لتصبغ حياتك بطلاء السعادة.. فعندما تصل إلى مرحلة الرضا تصل إلى السعادة، تمتع بالحياة مع احترام ثقافة بلدك وعدم إلحاق الضرر بمن حولك، ولا تجعل الهموم تتمكن منك.



error: المحتوي محمي