المناسبات الاجتماعية ودورها في ترسيخ الثوابت المجتمعية والمحبة بين الأفراد

إن مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم تعتبر من الثوابت الدينية التي حث عليها الإسلام، فهي ترسخ مكارم الأخلاق، وتغرس في الأنفس القيم والمبادئ الجميلة.

إن إقامة المناسبات الاجتماعية بجميع أشكالها، هي درع واقٍ وصمام أمان تحتاجه كل المجتمعات إينما كانت، مما يعزز إقامتها بالشكل المطلوب تنظيماً ووعياً، ولتعزيز كل أواصر المحبة والوفاء والتسامح والرقي، وتحمي أفراد المجتمع من أي شرخ -لا سمح الله.

بفضل الله ثم بما تبذله الدولة، حفظها الله، أننا نعيش في خضم اتساع الرقعة المساحية لكل بلدة وحي ومدينة من ربوع وطننا الحبيب، كما أننا نعايش حركة التوسع العمراني والسكني في ظل النماء والازدهار والتطور الشامل، مما شجع المجتمع، وكما دعت الحاجة إلى نزوح العديد من العوائل والأسر من الأحياء القديمة التي اكتظت بالبشر، بما في ذلك شح الأراضي السكنية، متوجهين إلى الأحياء السكنية الجديدة الأكثر تطوراً وتنظيماً ونماء.

من هنا لا بد لنا من وقفة تأمل لماض كان بالأمس البعيد والقريب “وهو من الواجب علينا جميعاً” أن نتذكر ما كان عليه أباؤنا وأجدادنا، أصحاب النوايا الحسنة والحكيمة، رجالهم ونساؤهم، كبيرهم وصغيرهم، من تماسك ومروءة وتعاون، فبالرغم من قساوة الحياة حينذاك، ألا أن هناك التراحم والتعاضد بينهم كما المحبة والاحترام والوفاء.

فمن شدة الترابط والتلاحم والمحبة ومد يد العون والمساعدة والتكاتف بينهم فإذا احتفل أحدهم بزواج أو بمناسبة مولود أو من قدوم أداء مناسك الحج والعمرة فرحوا معه وسعدوا، وكانوا كذلك يحزنهم ما يحزن الآخرين ويتألمون لآلام بعضهم البعض، حتى لا تكاد تعرف صاحب المناسبة “سواءً في الأفراح أو الأتراح” من الصديق أو القريب فيهم أو الجار.

اليوم وبفضل الله ثم بفضل ما نحن عليه من ثوابت راسخة ووعي نافذ، امتداداً للماضي الجميل، فإن مجتمعنا مازال محافظًا على هذه القيم والعادات الاجتماعية والإنسانية النبيلة والتي تربّوا عليها وترعرعوا، وهي دلالة على احترام وأهمية المشاركة المجتمعية للأفراد في المناسبات وكل المناسبات الكبيرة والصغيرة منها وحسن التعامل معها بكل كرم وسخاء وبذل الكثير من الوقت والجهد، وبقدر عال من النبل وكما كان سابقاً، بصحبة الأصدقاء والأبناء وخاصة صغار السن وهم مرتدون أجمل ثيابهم فرحين ومسرورين، وبالحرص على اصطحاب الآباء والأمهات أبناءهم وبناتهم من أجل إكتساب هذه القيم النبيلة والعادات الحميدة وبدرجة عالية من الحكمة حتى تصل الرسالة التربوية للنشء الجديد، بصورة شيقة ومحببة تقوي وترسخ الثوابت الأصيلة في المجتمع.

ومما هو جدير بالذكر، أن هذه المناسبات الاجتماعية في الزواج وغيره، لها من الإيجابيات الكثيرة والتي منها؛ ترويح للأنفس من عناء الحياة وكسر الحواجز والروتين، وفيها ما هو ممتع وشيق، وهو الالتقاء بأصدقاء وزملاء قدماء لم يحالف الحظ رؤيتهم من فترة طويلة، فتكون الفرصة وقتها للسلام وتبادل التحية والترحيب مع إعادة ذكريات الماضي الجميل والتحدث والتسامر وفتح أفق جديد من التواصل الاجتماعي والصداقة والأخوة الحميمة التي كانت مقطوعة مدة من الزمن لتكون بمثابة البلسم على جرح الزمان حيث ظروف الحياة حدت من التواصل.

كما أنه من الإيجابيات المحببة، التعرف على شخصيات مجتمعية بارزة ورجال أعمال من داخل مدينتك أو من الأخوة المدعوين، وقد تكون فرصة لصنع علاقات تواصل ودية واجتماعية وخيرية وأحياناً أسرية، ومنها كذلك استثمارية لأصحاب الأعمال على سبيل المثال، ومما هو إيجابي كذلك من قيام هذه المناسبات الاحتفائية السعيدة في الأعراس والفرح هو إضافة السعادة والفرحة على أصحاب المناسبة الأهل والعرسان وكل الأحباب، وفي حالة الأحزان تكون المواساة وتخفيف الآلام، كما أنه ينبغي علينا الحرص كل الحرص، على مراعاة المشاعر الإنسانية والتحلي بالقيم النبيلة والأخلاق الفاضلة التي تربينا عليها، وكما هو الحرص الشديد بمراعاة الظروف والحالات الاستثنائية القاهرة التي تستوجب من الجميع أخذ الحيطة والحذر مثل الظروف الصحية التي مر بها العالم بأسره “جائحة كورونا” كفى الله الناس شرها.

دعواتنا للجميع بالصحة والعافية والعمر المديد واليمن والبركات وبالأفراح والمسرات وأن يبلغكم الله في أولادكم وأحفادكم وكل من يعز عليكم وبكل رخاء وعز وكثيراً من النعم.



error: المحتوي محمي