انتبه: هذه الأفعال لا تناسب شخصيّة الفاعل!

شاب في العشرينيات، قصّة شعر حديثة، وشم على الذراع، سيّارة فخمة، يقف في محطة وقود ويفرغ ما في سيّارته من أوساخ! رجل في الأربعينيات، عقال وغترة “سكبة” جميلة، يرمي أقطافَ السجائر وقوارير الماء من سيارته في الشارع! مصلون، يشربون الماء بعد فراغ الصلاة، القوارير الفارغة عند باب المسجد!

حضارة المدن بحضارة ساكنيها، وإذا أردنا أن نكون متحضرين فهذه الأفعال لا توصلنا حيث نريد! النظافة والعناية بشوارعنا وأماكن تواجدنا سمة حضاريّة راقية! أستغرب كثيرًا عندما أحضر الحصّة الرياضيّة في إحدى الصالات الرائعة في القطيف مما يتركه الشبان خلفهم من مخلفات، داخل الصالة وعلى بابها؛ قوارير ماء، علب سجائر، أكياس أكل، قل ما شئت من مخلفات تجدها! هذا المنظر كان مقبولًا قبل أكثر من خمسين سنة!

في هذا الفصل من السنة -المعتدل- كثيرًا ما تلاحظ شابًّا يغسل سيارته ويعتني بها، إلا أنه يعد رمي ما فيها من أوساخ في الشارع عملًا مقبولًا! قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “إن على كلّ مسلم في كلّ يوم صدقة، قيل: من يطيق ذلك؟ قال (صلى الله عليه وآله): إماطتك الأذى عن الطريقِ صدقة، وإرشادك الرجل إلى الطريق صدقة، وعيادتك المريض صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، وردك السلام صدقة”.

اعتبرها صدقة، اعتبرها حضارة ورقي، لا ترمِ أوساخًا في طريق النّاس! اعتبرها من الدّين، حافظ على حرم المسجد وما حوله نظيفًا! اعتبرها “سبورت”، حافظ على نظافة الصالة والملعب! اعتبرها علمًا، حافظ على نظافة المدرسة! بعض الأصدقاء يقولون: هناك عمّال نظافة في الشارع، واجبهم رفع الأوساخ والمخلفات! أنتم تطلبون المستحيل كما يقول المثل القطيفي”ألف عمّار لا يقدر على خرّاب واحد”.

ونحن في فصل الخريف، عندي -وعندكم أيضًا- حلمٌ جميل: ألا يكون في شوارعنا إلا أوراق الشجر الصفراء والحمراء والزرقاء تتساقط من الأشجار وتبعث فينا الأمل بأن فصلًا جديدًا جاء! لعل هذا الحلم أو بعضًا منه يتحقق إذا توقفنا عن هذه الأفعال التي لا تليق بنا أبدًا!

إقرار: مع الأسف، أصبحت الكتابةُ عن هذه الظاهرة مملة وممجوجَة، وربما كره النّاسُ من يكتب عنها أو ينبه عليها! هناك مليون عنوان وموضوع أجمل من هذا الموضوع الميّت، إلا أن الرجاء أن يكون من باب {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}. ربما تقع بذور النصيحة في أرضٍ طيّبة وتنمو، أما إذا وقعت على الأحجارِ والصخور لا تنمو!



error: المحتوي محمي