في هذين اليومين احتجت إلى ترتيب الصفحات الإلكترونية التي أكتب فيها الخواطر اليوميّة، ومع أن تعاملي مع الحاسوب يعود لزمنٍ بعيد إلا أنها كانت مهمة استدعيت فيها معونة ابني الأصغر! من المحزن والمفرح أن التقنيات تسير بسرعةٍ أكبر من سرعة خطانا في اللحوق بها، فما أن نشتري شيئًا أو نريد أن ننجز معاملةً من أي نوع إلا ونلحظ سرعة التجديد والتحديث، ما يسبب الرهبة في قلوب بعضنا.
قبل سنوات قليلة كنّا نسمي من لا يعرف القراءة والكتابة “أمّيًا”. كانت الأميّة منتشرة في الجيل الذي سبقنا، ولم نتخيل يومًا ما أن نكون أميين من نوعٍ جديد؛ لا نجيد التعامل مع التطبيقات الحديثة، والتعليمات المستجدة في المطارات، والبيع والشراء، واستخراج الوثائق الرسميّة، والتعاملات البنكيّة، وغير ذلك من دواعي استخدام الآلة دون تعاملٍ مباشر مع إنسان.
إعدادات، تحديث، كلمة سر، إدخال بيانات، كلمات تشكل هاجسًا مستجدًا لنا، بعد أن كنا عباقرة، نقرأ ونكتب ونتعَامل مع مسائل رياضيّة معقدة. في هذه الآونة نحتاج لأحفادنا وحفيداتِنا لكي يعينوننَا في استعمال التطبيقات، وبعضنا صار هدفًا لمن يستغل أمّيتنا المستجدة، يحاول النصب والاحتيال علينا لسلبِ مبلغٍ من المال، نحتاجه نحن كبار السنّ في سنوات عجزنا وتقاعدنَا عن العمل!
تسارع لا رجعة فيه، يسقط من يسقط ويلحق بالركبِ من يلحق، صارت حياتنا ملكًا للآلة، لن يجيبنا أحد على الطرفِ الآخر من الهاتف! مرحبًا بك في هذا القرن، استعدّ لتأخذَ الآلةُ مكانَ الإنسان أينما وجدت فرصةً لذلك. الآلة تطهو، تقرأ، تكتب، تتحدث، تعرف الطريق، لا حدّ للذكاء الاصطناعي الذي تمدد في كل شيء، علينا التعود على التعامل معه وإلا أصبحنا أميين بالفعل!
لا أعرف كم منا يصنف أميًّا في هذه التقنيات؟! أظنّ أن عددنا كبير جدًّا! تذكر بعض الإحصائيات أن نسبة كبار السنّ الذين لا يعرفون استخدام “التطبيقات” البسيطة مرتفعةٌ جدًّا. كيف إذن بالاستخدامات الأكثر صعوبة؟ الخوف أن يحرمنا الجهل بوسائل الاتصال الحديثة من الحصول على خدمات ضروريّة والشعور بعدم الاستقلالية والقيام بأعباء حياتنا دون مساعدة!
نصيحة لأبناء جيلي: لا تتوقفوا عن متابعة الحياة! هذه التقنيات والأجهزة تساعد كثيرًا! العمر وحده ليس عائقًا عن المعرفة! الشبّان والشابّات يجيدون استعمال هذه التقنيات لأنهم فتحوا أعينهم وهي موجودة، هم ليسوا أكثر ذكاءً ومعرفةً منا؛ كبار السن!