لا تذهبنّ بعيدًا أيها القارئ العزيز، ليس زواج أحد المشاهير في وسائل التواصل ولا في غيرها من وسائل الشهرة! تخيلوا حتى مع جمال زواج النبيّ الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) من السيدة خديجة (عليها السلام)، الذي روى التاريخُ بعضًا من أحداثه -الرائعة- وغاب بعضها، لم يُذكر وصفه في الكتابِ الخالد -القرآن الكريم- وذكر القرآن الكريم جزءًا من تفاصيل زواج النبي موسى(عليه السلام)؛ أول لقاء وتعارف، الخاطب، المهر، عدد الحضور، الشاهد الوحيد على الزواج، ولفتاتٍ خفية عن المحبة والصبر قبل الزواج وبعده!
الشاهد الوحيد، كان الله سبحانه وتعالى: {وَاللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}، الخاطب والد الزوجة الذي قيل إنه شعيب (عليه السلام): {أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ}، المهر هو أن يعمل موسى أجيرًا ثماني أو عشر سنوات كما يحب: {عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ۖ}، والحضور هم على ما يبدو: موسى وشعيب وابنتَا شعيب؛ الزوجة وأختها!
لكم أن تتخيلوا بساطة وسرعة هذا الزواج والتنظيم والكلفة المالية! نعم، بهذه البساطة والسرعة تمّ أشهرُ زواجٍ في الكونِ وذُكر خبره أبد الآبدين في القرآن الكريم، سورة القصص (27 – 28)، ولم يذكر القرآن تفاصيل زواجٍ آخر!
القرآن لا يحكي حكايات تسلية، فهل لنا أن نستفيدَ من هذا الوصف بأن النجاح في العلاقةِ الزوجيَّة ليس بمقدار المال وحجم الوليمة وعدد الحضور! إنما بمقدار الحبّ والألفة والرغبة في العيش المشترك؟ إذا وسع الله عليك فأولم وأكرم الأهلَ والناس، وإذا قصرت ذاتُ اليد، فالله خير العاذرين، والمدعوون يكفيهم الماءُ والتمر!
كم سنة نخطط لزواجِ شخصين في هذه الآونة؟ كم يتحمل الزوجان من الصعوبة قبل أن يفترقا؟ الحمد لله، هناك كثيرون يصبرون وينجحون، ومع الأسف فإن الإحصائيات تذكر أن عددًا منهم لا بأسَ به يقع في أول الطريق! لم تعد الحياة سهلة مثل أيام موسى عليه السلام؛ ارتفاع تكاليف المعيشة، ارتفاع تكاليف الزواج، عدم الرغبة في تحمل المسؤولية، صعوبة الحصول على شريك مناسب، ونحن نزيد الطين بِلَّة!