أكد الاختصاصي النفسي “أحمد السعيد” أن لكل طفل تعاملًا خاصًا، فلا يمكننا تطبيق نفس الدواء على كل الأطفال، مشيرًا إلى أنه قد يكون هناك طفلان أخوان من نفس البيئة الأسرية، لكنهما مختلفان في الشخصية والاستجابة والسلوك.
وأوضح “السعيد”، خلال الأمسية التي نظمها مركز سنا للإرشاد الأسري التابع لجمعية البر الخيرية بسنابس، تحت عنوان “كيف تتعامل مع مشكلات الأطفال السلوكية”، مدى أهمية التعامل مع مشكلات الأطفال السلوكية التي لا حصر لها -بحسب وصفه- منوهًا بالمشكلات الأكثر شيوعًا مثل الاضطرابات السلوكية، واضطرابات القلق والمخاوف.
وذكر أن أكثر المشكلات التي تثير قلق الأهل هي تلك المتعلقة بالدراسة تحديدًا، مرجعًا تلك المشكلات إلى إدمان الأطفال الجلوس على الهواتف الذكية، التي صار لها الأولية قبل المذاكرة، وهي تعد من أهم أسباب المشكلات السلوكية في الوقت الحالي.
وأرجع “السعيد” أسباب حدوث المشكلات السلوكية، مثل؛ العناد والغيرة والعصبية وغيرها، إلى طريقة تعامل الوالدين مع الطفل، سواء بالعنف أو التدليل أو الإهمال؛ نظرًا لأنها تلقي بظلالها على سلوكيات الأطفال، وتعد مصدرًا غير مباشر لها.
وعقّب على المشكلات السلوكية التي تتعلق بالأسرة، قائلًا: “هناك 3 مداخل للمشكلات التي تتعلق بالأسرة، ومنها ما يتعلق بطريقة المعاملة هل هي عنيفة أم فيها تدليل أو إهمال، لذا نتوقع حدوث بعض المشكلات السلوكية لدى الأطفال مثل القلق أو العصبية أو غيرها نتيجة لهذه السلوكيات”.
وشدد “السعيد”، على ضرورة التربية والتهذيب في تنشئة الطفل الصغير، دون إدراج العنف تحت مسمى أي منهم، لافتًا إلى إهمال الوالدين في جلوس الطفل على الأجهزة الذكية؛ لتفادي تخريب الممتلكات أو الجلوس بهدوء، واصفًا إياه بالسحر الذي يدمر الأطفال، وما يترتب عليه من مشكلات سلوكية عديدة سواء في النظر أو الجهاز العصبي أو التشتت والانفعال وقلة التحصيل، واكتساب عادات خاطئة، وغيرها من المشكلات التي تزداد يوميًا بسبب الأجهزة الذكية.
وأوصى بأهمية علاج المشكلات عند الوالدين قبل الأطفال، ممثلًا لذلك بمشكلة قضم الأظافر التي تنتج عن القلق والتوتر وعدم الارتياح، وهذا ناتج عن طريقة تعامل الوالدين، التي لا بد من تغييرها، مؤكدًا أن هناك كثيرًا من المشكلات، التي تحتاج إلى تفهم وتعقل ومعرفة المصدر الحقيقي للمشكلة.
وتطرق “السعيد” إلى أن لكل أسرة ظروفًا خاصة، على سبيل المثال غياب الأب بسبب العمل، لكنه ليس مبررًا لعدم التواصل مع الطفل، نظرًا لتوفر الكثير من الأجهزة والبرامج الحديثة، مؤكدًا ضرورة استخدام الرأفة واللين والتعامل الحسن بشكل صحيح مع الأطفال، فهم بحاجة إلى التقدير أكثر من الإسراف في الهدايا والأموال.
وتناول في حديثه بعض النماذج للأسر، التي تسهم في تفاقم المشكلة السلوكية للأطفال دون أن تدري، مستشهدًا بموقف على سبيل المثال، إبلاغ المدرسة الوالدين بضرب نجلهم زميلًا آخر، قائلًا: “تنتهج بعض الأسر سلوك الإنكار في معالجة سلوك الطفل، مثل أن تقول: ضربه لزميله لم يحدث أو حدث نتيجة سلوك زميله، وتقوم هنا بمشكلة أخرى وهي خلق الأعذار والتبرير، مما يضطر المدرسة لأخذ إجراء من أجل حل المشكلة السلوكية للطفل”.
وأشار إلى أن هناك نوعين من الأسر؛ الأول ينكر المشكلة، والآخر يخاف منها بشكل مرضي، ويعتقد أن الطفل يواجه مشكلة توحد أو صعوبات تعلم أو فرط حركة، دون اللجوء لمتخصص لتشخيص الحالة بشكل سليم، مؤكدًا أهمية دراسة الحالة والفحص والتشخيص بشكل صحيح، حتى نتمكن من أخذ العلاج بشكل أفضل، ولا نستعجله فالمشكلات السلوكية لا تعالج بضغطة زر.
وبين “السعيد” أن ضرب الأطفال يؤدي إلى مشكلات سلوكية وعواقب وخيمة، مضيفًا: “بعض الآباء يرون أن الضرب شيء عادي، ويبررون ذلك بقولهم: (ياما تعرضنا للضرب في الصغر وما حدث لنا شيء)، لكن هذا ليس عذرًا أو دليلًا، فالضرب يؤدي إلى مشكلات نفسية وعضوية لأطفالنا الآن ومستقبلًا، فالشدة تعقد الطفل، والاعتمادية الاتكالية والتهاون يدمره، فلا بد من الاعتدال والوسطية في التعامل”.
واختتمت الأمسية التي أقيمت يوم الثلاثاء 15 ربيع الأول 1444هـ، بقبو السادة بسنابس، بفتح مجال الأسئلة للحضور.