رسالة إلى سائقي الحافلات المدرسية.. ماذا بعد؟!

حياتنا المعاصرة مليئة بالأحداث اليومية المفجعة، فقدنا من خلالها فلذات أكبادنا بسبب التقصير والإهمال الفاضح، أطفالنا يتعرضون لمواقف خطرة بالإمكان تجنبها.

تلقيت اليوم من صديق رسالة صوتية تفيض بالكثير من أحاسيسه وهو يرجوني أن أتفاعل مع حادثة الطفل حسن الذي لم يبلغ بعد سن الذهاب إلى المدرسة، وقد أخرجوه من الحافلة ميتًا، لقد صُدمنا بالخبر الذي زعزع كيان أهله خاصة والقطيف عامة، لقد خطف الموت زهرة طفولة ابنهم دون مقدمات أو مرض. وليس من شك في أن مشكلة المشاكل التي تعانيها العائلات في سنواتها الأخيرة هي موضوع سائقي الحافلات المدرسية والتي أصبحت بيئة غير آمنة إلى أكبر حد ممكن.

في لحظة من أصعب اللحظات يتلقى الأب مكالمة لا تنسى لـ5 دقائق كانت بمثابة صاعقة، خبر مدو أحس الأب برأسه يلف مثل الدوامة، وهاجس الخوف يلازمه من أن يكون طفله قد فقده إلى الأبد. إن الموت قدر مكتوب لا يستطيع أحد الفرار منه، ولكننا أمرنا ألا نرمي بأنفسنا إلى التهلكة، إن ما حدث قبل يومين جريمة بكل المعايير يجب أن يعاقب كل متسبب فيها. وما شاهدناه من ردة فعل ومشاعر غضب من عامة الناس وعبر قنوات التواصل هي جزء من الصورة المستنكرة وإبداء عدم الرضا لتصرفات السائقين الذين يكون الطفل في عهدتهم بين الحين والآخر.

معظم سائقي الحافلات من الشباب المشتت الذهن وقليلي الصبر وفي حالة ضياع وافتقار إلى الخبرة والمسؤولية لعدم اكتمال نضجهم، ونراهم مشغولين معظم الوقت بهواتفهم والتواصل بأصدقائهم لدرجة تمنعهم من الانتباه للأطفال الذين هم أمانة في أعناقهم. باختصار أصبحت حافلات المدارس مصيدة موت، ثم ماذا؟ يقول الأب: إنه تم التواصل مع السائق لمعرفة مصير طفله، وإذا به يؤلف قصصًا وحكايات لا تصدق، أوقعته في تناقض وإرباك! يا للعجب؛ تزهق روح ثم يصنع لها صك براءة! هل هانت أرواح الناس إلى هذا الحد؟! من المعروف أن رياض الأطفال لديها حافلات تقوم بنقل الأطفال من وإلى الروضة، ولكل حافلة مشرفة مسؤولة عن سلامة الطفل لحين وصوله إلى منزله وتسليمه إلى أهله. ومع ذلك يلقى بعض الأطفال حتفهم من جراء الإهمال واللامبالاة، وغالبية هذه الوفيات بسبب بقاء الطفل في الحافلة وإغلاقها دون التأكد بخلوها من الأطفال. بعد إنزال آخر طفل من الحافلة إلى المحطة الأخيرة يلزم من المشرفة والسائق التأكد من أن كل الأطفال تم تسليمهم إلى أهاليهم من خلال الكشف اليومي للحضور لدى المشرفة، والسير في ممر الحافلة إلى آخر مقعد خالٍ. وللأسف الشديد البعض منهم لا يفعل ذلك.

سيدتي المشرفة، أخي السائق من الطبيعي أن يتغلب النعاس على الأطفال ذهابًا وإيابًا فقد يوجد أحيانًا أطفال يلعبون وبعضهم ينامون، وأنتِ كمشرفة، وأنتَ كسائق حافلة مسؤولان عن فحص مقاعد الحافلة قبل مغادرتها. فبقاء الطفل الصغير في الحافلة وإغلاقها لساعات خطر محدق يؤدي به إلى الوفاة. فهل يسمع السائقون في مجتمعنا وبلادنا مبلغ الخطر الذي يتعرض له فلذات أكبادنا بسبب هذا العبث واللامبالاة! إنها أمور تسيء إلى سمعتهم، وبتنا نقاسي آباءً وأمهات مضض الفراق وآلامه نتيجة هذا العبث والإهمال، أعتقد أن في هذا ما يكفي لتحفيز همم سائقي الحافلات ما يثير حماسهم ويدفعهم إلى العمل الجاد الحاسم.

وأخيرًا، قد تكون من الآباء الذين يلحقون أبناءهم برياض الأطفال أو المدرسة، فأيًا كان الأمر، يجمعنا كآباء اهتمام واحد مشترك؛ هو العناية بسلامة أبنائنا وأن يعودوا إلينا سالمين.


error: المحتوي محمي