ماذا يمكن أن يحصل في لحظة؟!

لحظة واحدة تكفي للانتقالِ من الشمسِ إلى الظلّ، من الجهلِ إلى العلم، من الموتِ إلى الحياة، ومن النَّار إلى الجنَّة! سحرة فرعون انتقلوا من صفّ فرعون – الطاغية – إلى صفّ النبيّ موسى (عليه السلام) في لحظة، انتقل بشر الحافي من الخلاعةِ والمجونِ إلى الطاعة في لحظة! أشخاص لا يحصون أشرقت عليهم شمسُ الهداية في لحظةٍ واحدة، لا أكثر!

آخرون انتكست أحوالهم في لحظة! إبليس هلك في سجدةٍ تستغرق لحظة، قارون أخذته الأرض وابتلعته في لحظة، بلعم بن باعوراء آتاه الله من آياته ثمَّ انسلخَ منها في لحظة، وقابيلُ قتلَ أخاه هابيل في لحظة!

أجمل الفرص يعطينا الله إياها في لحظة وإن اللحظةَ لطويلةٌ في رحمةِ الله! لحظة واحدة قبل الموت تكفي للروح أن تشرق والتوبة أن تحصل والنجاة أن تؤمل: عنه (صلى الله عليه وآله): “إن الله تعالى يقبل توبةَ العبد ما لم يغرغر”. ماذا يعني يغرغر؟ غرغرتِ الرُّوحُ: تردَّدت في الحَلْقِ عند الموت وغَرْغَرَ الْمُحْتَضِرُ: تَرَدَّدَ الصَّوْتُ فِي حَلْقِهِ مُحْدِثاً غَرْغَرَةً.

لا غرابة إذا ضحكت الخاتمةُ من العمل! “إن الرجل ليعمل الزمنَ الطويل بعمل أهلِ الجنَّة، ثم يختم له بعمل أهل النَّار، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النَّار ثم يختم عمله بعمل أهل الجنَّة”. القارئ الكريم، النجاح والفشل يتحقق في لحظة! فكرة رائعة تأتي في لحظة! ما علينا سوى التعرف على تلك اللحظات واغتنام الفرص السانحة، والشطارة في اتخاذِ القرار!

تحتاج الأفكار إلى لحظة واحدة لكي تنتقلَ من عالمِ التنظير إلى عالمِ التطبيق والواقع، وكم فينا من تدور الأفكار في طاسة رأسه، يطحنها، ثم تضيع الفرصة؟! دراسة، عمل، زواج، أطفال، توبة، كل ذلك يحتاج إلى لحظة يدق فيها الإنسانُ جرسَ البداية، والله يكملها على أحسن وجه.

وصيةٌ للإمام علي (عليه السلام) تستحق أن تكتب بماءِ الذهب ويعلقها كل مستثمر في الدنيا والآخرة: “انتهزوا فرصَ الخير، فإنها تمر مرّ السحاب”. تراثُ وحكايات الناجحين في الدنيا والناجينَ في الآخرة يشهد على صحّة هذه النصيحة، تنسل الفرص – إذا أغفلناهَا – بهدوء وخفة وانسياب وتهرب كما يهرب اللصّ في الزحام!

خلاصة الفكرة: لا تؤجل عملَ اليوم إلى غد، اقبضوا على الأفكارِ الجميلة التي تهب على فتراتٍ متقطعة – مثل هبوب النسيم السريع – قبل أن تهرب!



error: المحتوي محمي