الحمدلله الذي جعلني معلّمة

إنّ أجمل وسام يضعه المعلم على صدره هو قول النبي ﷺ: {إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير}.

الحمدلله الذي جعلني معلمة علّمتُ الناس الخير وأبعدتهم عن طرق الشر.

الحمدلله الذي وهب لي ذريّة لم أنجبها، وهيّأ لصوتي الدخول في عديد من المنازل، لا بحول مني وقوة وإنّما بحول الله وقوّته.

يترك المعلم أثرًا بعيد المدى، يتذكره طلابه وإن طال بهم الزمن، وإن بعدت عليهم الشُّقَّةُ؛ ذلك لأن المعلم الناجح مربٍّ عاقل، يستفيد من مهنته التعليمية الشيء الكثير فيربي طلابه مثل أبنائه فيكتسب عائلة جديدة في كلّ موقف إنساني يُسجّل له، حتى إذا أوشك على إنهاء خدمته، جمع رصيدًا ضخمًا من العائلات مضافات لعائلته، وهذا هو الرصيد الحقيقي لمهنة المعلم.

ولقد سطّر لنا التاريخ الإنساني بين أروقته الكثير من النماذج للمعلم الإنسان، فكم تعجبني سيرة (آن سوليفان) المعلمة المُلْهِمة التي أصرّت على تعليم (هيلين كيلير)، وعند الحديث عنها لا أشكُّ في مدى العناء الذي يتطلبه تعليم طالبة فقدت جميع حواس التلقّي والتّعلُّم. كيف أخذت (آن) بيديها إلى ساحة العلم، وعلمتها النطق والكلام فأحسنت القراءة بطريقة برايل. لقد ذللت سبل التواصل مع تلك الفتاة الخرساء العمياء والبكماء وخرجت هيلين أستاذة جامعية، ألّفت العديد من الكتب وأتقنت عددًا من اللغات وحاضرت بلغات مختلفة.

هذا هو الشخص المُلْهم حقّا.
للمعلم حديثه العذب يداعب المشاعر بإيقاع موسيقي راقٍ، يصل للقلوب فيشفيها، يختلف عن ذلك المعلم صاحب العمر القصير، فقد يكون عمر المعلم ساعة فقط بين طلّابه، وقد يُخلد ذكره آمادًا عديدة.



error: المحتوي محمي