انطلقت في مركز المعصومة ببلدة القديح، مساء الجمعة 4 ربيع الأول 1444هـ، أولى الأمسيات في النسخة الخامسة لبرنامج القراءة النقدية لمحاضرات العلامة الشيخ محمد العبيدان، والتي ألقاها خلال موسم عاشوراء 1444هـ.
وبدأت الجلسة الأولى في البرنامج الذي افتتحته اللجنة المنظمة، بفقرة قدّمها المهندس محمد الجارودي، ثم تلا ذلك تلاوة عطرّة للقرآن الكريم من قبل الشبل سلمان الجارودي، شنّف بها أسماع الحضور، ثمّ ألقى الدكتور سعيد الجارودي كلمة حول البرنامج، أشاد فيها به، معتبرهُ خطوة موفقة ترتقي بالمنبر.
واستعرض الدكتور نادر الخاطر من جانبه، إنجازات البرنامج، وحصوله على شهادات محكمة من جهات علمية مرموقة، وتخلل ذلك عرض سيرة البرنامج النقدي، وتطوره النوعي وغايته وأهدافه، ومجموعة من صور البرنامج في أعوامه السابقة، والكادر التنظيمي للبرنامج.
واستهل السيد قصي الخباز إدارة الجلسة، مرحبًا بالحضور، وموضحًا بشكل سريع سيرة الناقد الدكتور سلمان الحبيب، الذي افتتح الجلسة بالإشادة بموضوع الموسم، وبأنه موضوع حساس عقائديًا، ومن الجميل تناوله وتوضيحه، حيث كان عنوان المحاضرة موضوع النقد: “الارتباط السماوي.. الرؤية الإسلاميّة”.
وأشار “الحبيب” إلى ما يلفت الأنظار في موضوع المحاضرة، مثل تناول المصادر حول الموضوع، ووضوح الأفكار، والتسلل المنطقي، وكان من ضمن الملاحظات التي ذكرها حول المحاضرة بشكل عام هي الإطالة فيها.
وذكر الناقد عدّة ملاحظات جوهريّة ولفتات جميلة، ولكنّ بسبب ضيق الوقت تم اختيار بعض التساؤلات التي أجاب عنها الشيخ نظرًا لأهميتها، وكان من بينها؛ سؤال عن الوحي، فلماذا لا يكون عبارة عن إشارة سريعة كما يذكر في بعض تعريفاته بالمعاجم وعند بعض العلماء.
وأجاب الشيخ، عن هذا السؤال، قائلًا: “الإلقاء في الخفاء معنًى شامل، فهو يتضمن ولا مانع من كون أحد مصاديقه الإشارة السريعة، فهو من باب كما يذكر في علم المنطق النسبة بينهما نسبة العموم والخصوص مطلقًا”.
وأجاب كذلك عن سؤال، إذا كان الوحي خاصًا بالأنبياء، فما وجه الآيات التي تذكر الوحي لغير الأنبياء؛ كالنحل وأم النبي موسى (ع)؛ “وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ”. فعلق الشيخ عليه، موضحًا أن: “الوحي هنا عبارة عن هداية تكوينية لا تشريعية والتعبير هنا تعبير تسامحي”.
وتحدث أيضًا حول الفرق بين الوحي والإلهام، وما يلقى على الأئمة (ع) هل يعدّ وحيًا، وما يحصل من التجلي لبعض العارفين والمتصوّفة، وهل يعدّ إلهامًا أم لا؟، فأشار الشيخ إلى أن ما يلقى على الأئمة (ع) يسمى إلهامًا، شارحًا الفرق الجوهري بين الوحي والإلهام، بأن الوحي أحد وسائله التقاء النبي بالملك، وهذا لا يحصل في الإلهام الذي يعد أحد مصاديق الوحي، معقبًا: “ما يحصل للعارفين نحن لا نكذبهم ولكنّ لا نجزم بأن الملقى إليهم سماوي، فربّما يكون وساوس شيطانية”.
وبين الشيخ الفرق بين الحديث القدسي والنبوي، بأن الحديث القدسي يكون فيه المعنى ملقى من قبل الله -عزّ وجل- وتكون الصياغة من قبل النبي (صلى الله عليه وآله)، بخلاف الحديث النبوي، فهنا تقع مسألة يؤكد فيها خلافًا، وعن سؤال هل النبيّ مشرع أم مخبر، أجاب معلقًا: “إذا كان مشرعًا فسيكون معنى وصياغة من قبل النبي وإذا كان مخبرًا فسيكون كما الحديث القدسي”.
واختتمت الجلسة بتلقي أسئلة الحضور، و إشادة جناب الشيخ بالأسلوب المتألق والمهذّب للناقد.
يُذكر أن البرنامج النقدي يدخل عامه الخامس هذا العام، بحلته الجديدة، وهو برنامج سنوي يعقد بعد انتهاء شهر صفر لمناقشة محاضرات شهر المحرم الثلاث عشرة بواقع جلسة لكل محاضرة، تعقد ليلة السبت من كل أسبوع، وقد تخطت أصداؤه المنطقة باستضافته نقادًا من دول الخليج.