رب ارجعوه لعلي أعمل صالحًا

ولدٌ لا يكلم والده.. وابنة تعادي أُمها… وأخ يضمر لأخيه كل البغض.

هذه مع الأسف هي الحياة البائسة التي تكاد تملأ مجتمعنا. فلا نسامح ولا نتغاضى ونكاد نفرح بنشر أحقادنا على هذا وذاك حتى بتنا كأن لم نعلم أن {كُلّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت}. فغرتنا الدنيا بغرورها وأخذتنا العزة والكبرياء وابتعدنا عن الصفح والنقاء. أغشينا أعيننا وجعلنا على قلوبنا أكنةٌ أن نفقه بأن كل تلك العداوات ما هي إلا حسراتٌ علينا قادمة، حينما تمتد كفوف الموت لتسرق منا من نظن أننا نكرههم بلا أمل في الرجعة.

هذه لحظة الإدراك. هذه لحظة انحسار الغمائم عن أعيننا. ها هي لحظة الندم والحسرة ولحظة نداء الحرقة (رب ارجعوه لعلي أعمل صالحًا معه).
هيهات فقد فات الأوان. فلا حسرة ولا ندم ولا شيء آخر سيعيد لنا من أحببنا وله الكره أظهرنا.

أمثلة على ذلك كثيرة. زوج غادر منزله بعد خصام وعراك، فإلى الزوجة بعد ذلك جاء النداء “لقد مات فلان”. وذاك أب لم يجعل للرحمة في القلب مكانًا وأبى أن يتعامل مع أولاده بحنان حتى زلزلت الآذان “سرق الموت منك فلان”.
وغيرها وغيرها الكثير وما استفاد أولئك غير غصة الشهيق والزفير. فلا الراحل يرجع ولا الأمور تستقيم.

إخوتي، أخواتي. فلنراجع أنفسنا ولنستغل وجود من نخاصمهم حولنا قبل الرحيل. خذوها دعوة مني ولنسارع إلى تنفس عطر الرحمة ببعضنا بعضًا ولنتسابق إلى الصفح الجميل حتى لا نعض أصابعنا ندمًا على فوات الأوان.

وفي الختام، خيركم من يبدأُ بالسلام.



error: المحتوي محمي