عندما يتوقف الكاتب عن الكتابة وتذبل حروفه، يُصارع القلم غير أنّ بنات أفكاره تأبى المضي، تتوقف فجأة، تأخذه في حلبة العِراك لكنه يرفض الخنوع، بل ويُظهر أجمل ما لديه.
(قفلة الكاتب، أو متلازمة الصفحة البيضاء) هي معضلة الكاتب في صياغة أفكاره وترتيبها وقد يكون ذلك نتاج أسباب متعددة أهمها عامل الزمن وخوف تبعثره وانتهائه دون إنجاز، وقد يلاحق الإنسان أيضًا رهاب المكانة الاجتماعية وسقوطها بعدم إنجاز الجديد ومواكبة التطورات الأدبية الراهنة، فضلًا عن تشتت الأفكار وعدم انضباطها في نسق معين كما رُسمت في ذهن الكاتب.
هل وقعت في هذا الفخ يومًا ما؟
هل استطعت ككاتب التخلص منه؟
ماذا فعلت وأنت ترى كلماتك وحروفك قد تطايرت منك ولا تريد أن تثبت على أوراقك البيضاء؟
هي مشكلة تاريخية وقع فيها الكثير من الأدباء على اختلاف مستوياتهم، ومن أبرز الأدباء الذين انقطعوا عن الكتابة لسنوات طويلة نجيب محفوظ، ولايعدّ ذلك قدحًا في أهلية الكاتب بل هي مرحلة وسوف تُقفل بإذن الله.
إليك ما تفعله:
1 – استمع للنداء الداخلي في أعماقك، ارجع لأفضل أعمالك واجعلها عجلة إلهام لك ثم خاطبها وقل لها:
أيليق بك الهروب من مواجهة الأقلام وقد أنجزت كلّ هذا الجمال؟
ثمّ عرج على شاطئ البحر أو مكان تأوي إليه الطيور وتحدث ضجيجًا موسيقيّا طبيعيّا وحارب أفكارك هناك فسرعان ما تراها ماثلة أمامك طوع أمرك.
2- كثّف قراءتك في أمهات الكتب أنيقة المحتوى.
3- اخلق لك جوّا بنفسك ضع أمامك جميع ما تهواه نفسك سواءً كان ذلك كوب قهوتك أو قطعة الحلوى المفضلة لديك، أو ربما كان أصيصًا زهريًا أخضر أو كوب شاي أزرق بلون السماء.
4- إذا وجدتَ الاستعصاء قويًا في خروج أفكارك اهرب من نفس الكاتب للطفل الذي يحاصرك ويتدلل عليك، مارس هوايات أخرى، أو لاعب طفلًا، أو أفرغ طاقاتك في نادٍ رياضي.
5- تأمل كثيرًا وتنفس بعمق، لا تخشَ انتهاء الزمن دون إنجاز ما يُرضيك.
6- اطلب من صديق مُقرب أن يلهمك بشكل غير مباشر فما خاب من جمع عقول الناس إلى عقله.
7-لا تنسَ وضع قلم ودفتر في كل مكان تجلس فيه، في غرفتك الخاصة، في مكتبك، في سيارتك فحديث النفس يأتي فجأة والقلم على أتمّ الاستعداد.
8- تغيير البيئة والأجواء المحيطة يُعطي انطباعًا جيدًا وقد تخرج بكتابة محتوى لا بأس به، فلا تبخل على نفسك بنزهة جميلة بعيدًا عن ضغوطات العمل ومتطلبات الأسرة.
9- الاستسلام للعقل الكسول (المنتج) بخلوده في منطقة الراحة أمر غالبًا ما يؤدي لانتحار الأقلام ببطء.
10- عندما تُعيد حساباتك الكتابيّة وتحاسب نفسك الأمّارة باللهو بعيدًا عن أجواء الكتابة فسوف تضع ميزانًا عادلًا يقضي على تمرّد أفكارك.
الكاتب أيقونة من الأفكار الجميلة وهو قدّيس الكلمة الفاخرة، يأمرها فتأتمر بأمره ويحذفها من قاموسه فلا تُقيم بين مفرداته. وما الكاتب سوى ملك اعتلى العرش وحاشيته كلماته تُسدد وتوجه وتغامر في نقده (فاعمل؛ فكلٌّ مُيسّرٌ لما خُلق له).