في اليوم التالي بعد الغداء، وكعادة ياسمين، تقُوم بإعداد القهوة، وغُوري الشّاي، جلسن، سكبت لهما ياسمين القهوة، وقدًّمت قطع الشُوكولاته، التي صنعتها عبير، وبينما هن يشاهدن في التّلفاز، أشارت حنان بعينيها إلى ياسمين بأن تفتح هاتفها النّقال، لتقرأ رسالتها.
حسنًا، سأكمل لكِ القصة، بعد أن تخلد عبير إلى القيلولة، ليس مُناسبًا أن نتركها، أيّتها الفتاة الطّفلة في مُشاغبتها، لماذا أنت عجولة على الدّوام. أرسلت ياسمين ردها على رسالتها، التي تسألها عن شوقها لإكمال القصة.
تأتي الرّياح بما لا تشتهي السّفن. تهمس حنان في داخلها.
لم تأخذ عبير هذا اليوم القيلولة، كعادتها، انجذبت في الحديث، وارتشاف القهوة، وحنان بين الفترة والأخرى، تضرب برجلها على الأرض، لتلفت انتباه ياسمين، والنّقاش، يأخذ انفعاليته بين عبير وياسمين، يبدو أن ياسمين، تستخدم تقنية “كيد النّساء”، لتخلق جوًا كوميديًا مُبطنًا، تفهمه حنان، وتأنس به.
المساء جاء؛ ليُنقذ ياسمين من حنان، حيث توجهت عبير إلى حُجرتها، بعد الانتهاء من المُذاكرة، وتنظيف الشّقة، وترتيب المطبخ.
دخلتا بعد دقائق من ذهاب عبير إلى حُجرة ياسمين.
أحضرت حنان كرسيًا وضعته بجانب وسادة ياسمين، وأمسكت بيديها، وجعلتها تستلقي على السّرير، وغطتها باللّحاف إلى مُنتصف جسدها.
ها..، تفضلي أكملي القصة، هذا أمر. تطلب وتأمر حنان بدلع الأنثى.
هذا تنويم مغناطيسي. تُعلق ياسمين وتضحك
لا..، إنّه تنويم حكايات قدوة. تُبادلها الضّحكات حنان
إنّي أنتظرك. تُضيف حنان بثقة
كتبت إليه رسالة عبر البريد الإلكتروني، فيها من الشّكر والعُرفان لما خص به كتاباتي من ذوقه الرّفيع، وإحساسه بي، ككاتبة لا زالت في الأبجدية الأولى من اللّغة.
تجرأت، وطلبت منه أن يُعرف بشخصه الكريم، فإنّٓه مُتعب أن تتعامل مع شخصية من المجهول، لما يحتويها من الإغراء، مما يجعلك، تُبصره على انعكاس حُبيبات النّدى.
تتمايل حنان عبر انتشاء هذا التّشبيه ذي الدّفء، إن أردت إلى حنان أن تغرق، فاجعلها تُصغي إلى كلمات العشق، إلى التّصوير البلاغي، الجمالي، عبر تدوير الكلمات، والذي تُتقنه ياسمين بالسّليقة.
ما كان ردّه، والذي أدخلني غُربة الفوضى في داخلي، شيء ما يجذبني إليه، شيء أحسّه، ولا قدرة لي في ترجمته.
أحيانًا..، تفتح عينيك، لتُوقف الأشياء من حولك عنوة، وتسترسل في التّأمل، تستحضر هندسة الأشكال، فقد يكون طيفه، ولو كلمح البصر، يمُرّ بالقُرب من عينيك، تستشعره بارتعاش رمشيك.
أكملي.. هائمة حنان تمسح أصابع ياسمين
أغمضت ياسمين عينيها بُرهة..
أعلم سرّ عينيكِ الآن، تُغمضين عينيكِ بسبب أصابعي، راحة يديّ، وهي تمسح على يديكِ، وتُشبع أصابعكِ بدفء قلبي.
نعم. تُجيب ياسمين ولا تزال تأنس بيديها
قرأت ذات يوم في إحدى المجلات مقالًا، يتناول تقنية اللّمس، وأثره الكبير في نفسية الإنسان، وتفكيره، فاللّمس، ينقل ما لا تستطيع الكلمات أن تنقله، وتحصد النّتيجة الأروع، والتي قد لا تحصدها الكلمات، عندما تضع يديك، وتُعانق يديّ من تملكه الغضب، ستجد الهُدوء، يتسرب إليه خلسة، ليهدأ كليًا، في حين قد لا تنجح الكلمات في جعله هادئًا، لتستفزه أكثر. تُشير حنان
أعتذر قطعت سردكِ، أكملي ياسمين رجاء..
جاء ردّه في وقت قصير، لم يتجاوز دقائق معدودات، يا لقُدرته على الكتابة بهذا الوهج الجمالي، بأنّه، كروحي المُسافرة، كقلبي، الذي أخيطه على القرطاس، أخبرني بأنه سيكون ظلّي، سيأخذ بيدي باتجاه ضفة الإبداع، سيقرأ كتاباتي، سيقوم بتوجيهي، سيُطور من أدواتي، سيُهديني كتبًا إلكترونية تُناسب بداياتي، سيكون البلسم إلى مُعاناتي، سيُبحر بي، يُجدف قارب أمنياتي، إلى أن يجعلني أتراقص فوق رمال الشاطئ، وتعلو عينيّ، وملامح وجهي البهجة والسّرور، سيمنح أصابعي أن تخُطّ اسمي فوق هذه الرّمال، ثمّ بعد أن يطمئن عليّ، سيرحل، ليسكن رُوحي، كي أقوم باستدعاء كلماته، يغرسني الأمل، الذي لا ينضب وهجه.
هكذا قرأته، فانقبض قلبي، أفراق سيكون؟!، ذلك الشّخص، الذي أبحث عنه في الكتب، يُغدقني لطفًا، واهتمامًا برسائل لا أعلم من يكون كاتبها، هل رُوحي تجسّدت فيه، ليأتي؟!، أيكون شيئًا واقعيًا، أم نتيجة لهوس خيالاتي؟!