لا شيء يضاهي ساعة في قربكِ..
وجلوسكِ أمام ناظري..
عقارب الساعة تلذع صبري بفراقكِ..
حينما أُدير النظر باحثًا عنكِ..
هنا وهناك..
أتخيل طيفكِ زارني!!
تهيئات تداخلني!!
فأظنكِ جانبي!!
وذلك ظلكِ يتبعني..
وكأني أشم رائحة عطركِ..
وأسمع رنة الخلخال مع وقع قدميكِ..
وتنهيدة الروح مع دفء أنفاسكِ..
أنا لا أطيق النظر إلى الساعات..
تقلقني حركة عقاربها..
وذهاب بندولها يمنة ويسار..
أصبحت أكره أبراج الساعات..
وحتى البيج بن التي جمعتنا..
وصوت أجراسها..
وطرقات المدينة..
التي شهدت خطواتنا..
وسمع الجميع ضحكاتنا ..
وهم شهود على همساتنا
وذلك الود نثرناه كالورد في جنباتها..
تمر الثواني ببطء..
كأنها خرير ماء لصنبور صدئ..
صوته يفجر قدرتي على التحمل..
وقطراته تزيد من اضطراب نبضات قلبي..
فأتألم وأتألم..
حتى يقتل الصوت في داخلي الحنين..
والصمت يؤرقني..
لا أطيق الفراق!!
مؤلم حد الوجع..
و إحساسي لا إيقاع له..
كان من الأجدر بكِ انتظاري..
وأن تمهليني بعضًا من الوقت..
يفترض أن تتروي وتنتظري..
أن تتعافى روحي..
من طعنات رماح الحياة..
وجراحاتها وخيبة الآمال..
لا أن تتركيني بمفردي في منتصف الطريق..
المظلمة، القاحلة والموحلة..
لا تلوميني!!
ولا تعتبي على هذيان الحروف..
فقد كنتِ السراج في ظلمتي..
وكنت الدليل في طريقي..
وعقلي الذي أفكر به..
يا زهرتي!!
في ساعة الفراق..
لا تلم أحدًا على كلماته..
ولا على دموع المقلتين..
مثله لا يلام..
على أنين الروح..
من خيبة الأمل..
وخذلان الحبيب..
وبعثرة الشعور..
البعد يا زهرتي..
لا تظني أنه تباعد المسافات..
والسفر لمكان بعيد..
تباعد بين شرق الأرض وغربها..
والقرب لا يعني اجتماع في ذات المكان..
وحضور الأجساد..
البعد هو الشعور بالوحدة في حضورهم..
وبغربة الروح لمن أجسادهم معنا..
أنفاسهم بيننا ولكن الروح هناك..
لا هم لنا وبين أيدينا..
بعض البشر في أقصى بقاع الأرض..
مهما ابتعدوا، باقون في القلب..
وأرواحهم ترفرف من حولنا..
ورائحة عطرهم لا تختفي..
والأشواق تسبقنا قبل الكلمات إليهم..
نتبادل الفكرة والكلمة والضحك والبسمة
يربطنا ذات الشعور..
يا زهرتي!!
أدركت الحقيقة الأكثر وجعًا!!
ألم الفراق هو فراق الأموات!!
فهم إذا رحلوا لا يعودون..
ففي ساعة الفراق نعرف قيمة المحبة..
نقدس الحُب والحبيب..
ومن أدماه الفراق !!
يعرف المعنى..
ويدرك عمق الحقيقة..
الفراق،، قاتل..
لكنه يجعل منا أقوياء..
كل منا!! قال.. وقال..
بصمت،، بدموع حارقة،، وبكاء وعويل،،
وبعض الكلمات الجارحة..
أشار بأصابع الاتهام للآخر..
وصوب سهام الظنون..
ووجه نظرات الشك..
وتمنى أنه لم ينطق ببنت شفة..
ولكن!!
من الصعب علي أن أصف ألمي والآه..
التي ترفض كتابتها على بياض الصفحات..
أو لفظها في حضرتكِ..
لا أطيق أن توجعكِ مثلما توجعني..
وتخترق قلبكِ وتدمي إحساسكِ..
فأنا لا أطيق الفراق
كما أنت لا تطيقين..