البنات يحزنّ أكثر من الأولاد لفقد الأب!

من المثيرِ للدهشة أن جنس كلٍّ من الوالدين والطفل يمكن أن يؤثر في ملامح الحزن والاستجابة للخسارة. وتشير الدراسات إلى أن استجابات البنات أكثر حزنًا لفقدان والديهن مقارنةً بالأبناء الذكور!

ليس من المستغرب أن يطول حزنُ البنتِ لفقد أبيها ويكون أعمق من الولد الذكر، لاحظوا -الآباء الكرام- من عندكم بنين وبنات وأحفاد وحفيدات كيف تتعلق البنات بكم، وكم من العواطف تبديها البنيّات! أما الأولاد فهم وإن أبدوا عاطفة، إلا أنهم يبقون مسافة أبعد من البنيّات!

تبني البناتُ مع الآباء علاقةً جميلة، منذ الولادة وحتى ما بعد الممات! ويحكي التاريخ عن علاقة النبيّ (محمد صلى الله عليه وآله) مع ابنتهِ فاطمة (عليها السلام). علاقة غيرت نظرةَ العرب -أو بعضهم- آنذاك نحو البنات. ومن الجميل أن يستقصي القارئ الكريم، العاطفة الخاصة التي اختصّ بها النبيّ فاطمة، والتي اختصّته هي بها أيضًا في حياتيهما، ومن بعد موته! كمّ هائل من الأخبار حكت جمال تلكم العلاقة.

اختلف الرواة في تاريخ وفاة السيّدة فاطمة، وكم عاشت بعد أبيها. إلا أن الرواة أجمعوا أنها عاشت فترةً قصيرةً جدًّا، وأنها أول من لحق به من أهل بيته. لم تستطع أن تصمّ آذانها عن تذكر صوته ولا أن تغلق عينيها عن تذكر جمال وجهه، ولا قلبها عن عطفه وحنانه. ذبل غصنها واضمحلّ رونقُ شبابها حتى ماتت!

البنات بحاجة إلى قدوة وصدرٍ حنون حاضر في منعطفات حياتهن، ومن غير الأب يستطيع أن يملأ كل هذه الفراغات؟! في هذه الآونة تعددت القدوات. امتلأت دنيا الشبّان والشابّات بأسماء شخصيّات خاملة الذكر تناديهم أن يقتدوا بها، وهي لا تستحق! فإذا لم يتقدم الأب خطوةً للأمام ويقول: أنا هنا، أنا موجود، أسمع وأرى، ربما التبس الأمر عليهم.

يستحق الأب الفاضل أن تحزن عليه بناته، وألا ينسينَه مدى حياتهن. وأن يشعرن بعد فقده ببرد الدنيا بعد دفئها، وخشونة الأيام بعد ليونتها. ظاهرة -تعلق البنات بالآباء- لا تحتاج إلى دراساتٍ توثقها، وقبل هذه الدراسات الحديثة قال المثل العربيّ القديم: “كل فتاة بأبيها معجبة”.

خلاصة الفكرة: قالَ رسول الله (صلى الله عليه وآله): “لا تكرهوا البنات، فإنهن المؤنساتِ الغاليات”. اعتنوا بالبنات، أكرموهنّ، وكونوا لهنّ قدوةً ومصابيح. يَجزيكم الله ويغفر لكم، وهنّ من يبكي عليكم ويحزن بعد أعمارٍ طويلة.



error: المحتوي محمي