في سنابس.. الاختصاصية خلود الحمود: التعنيف وجهل الآباء بأساليب التربية يدفع الأطفال للتنمر

عرّفت الاختصاصية النفسية خلود سعود الحمود، التنمر بأنه أحد أشكال العنف أو الإزعاج الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر بطريقة متعمدة ومتكررة، مشيرة إلى أنه قد يأخذ أشكالًا متعددة كنشر الشائعات، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا.

وأوضحت أنّ المتنمّرين كانوا ضحية تنمّر أنفسهم، مما جعلهم يشعرون بعدم القيمة والغضب، وبالتالي أصبحوا يرمون هذا التنمّر على غيرهم.

جاء ذلك خلال تقديمها محاضرة بعنوان “ظاهرة التنمر”، أمس الثلاثاء 24 صفر 1444هـ، في مركز سنا للإرشاد الأسري التابع لجمعية البر الخيرية بسنابس.

واستهلت “الحمود” محاضرتها بالآية الكريمة {ولا تنابزوا بالألقاب}، أي لا تدعوا الناس بالألقاب السيئة التي لا يحبونها والتي يسوء الشخص سماعها، معقبة: “للأسف نقرأ هذه الآية الكريمة في صلواتنا ويتكرر شرحها في مدارسنا، ولكن السائد في المجتمع عكسها، بل زيادة تحقير الآخرين والسخرية منهم والاستهزاء بهم”.

وكشفت أن التنمّر الاجتماعي هدفه الإساءة إلى سمعة الشخص اجتماعيًا ومنه الإشاعات، والكذب، والإحراج، وتشجيع الآخرين على نبذ الشخص اجتماعيًا، وهذا كله بسبب النقص الذي يكون لدى المتنمر.

وتحدثت “الحمود” عن ظاهرة التنمر بين الأطفال، وأنه يعد سلوكًا غير طبيعي، وينتج عن خلل من قِبل المسبب الرئيسي له وهو الأبوان، من خلال العوامل التي تُكسب الطفل السلوك العدائي ومنها: الإهمال، التربية الخاطئة، قلة ثقة الطفل بنفسه، العنف الأسري، الغيرة، الغرور، والألعاب الإلكترونية العنيفة، متابعة: “هذه السلوكيات ناتجة عن الأساليب غير السوية والخاطئة التي تتكون في تربية الطفل إما لجهل الوالدين بتلك الطرق أو لاتباع أسلوب الآباء والأمهات”.

وأشارت إلى هذه الأخطاء التربوية الناشئة عن مفاهيم مكتسبة من بيئة ومحيط الطفل، والتي قد يمارسها دون وعي منه مما يسبب له وللآخرين الأذى، مبينة أنّ بعض السلوكيات الأسرية السلبية التي تمارس ضد الأطفال تعد تنمرًا عليهم كالتنمر اللفظي، والجسدي، والاجتماعي، والإلكتروني والذي يتعرضون له في أي مكان مثل: المدرسة، وعلى الطريق، وفي العائلة، وفي النوادي، وفي الأماكن العامة، وعلى الهاتف، وعبر الإنترنت.

ولفتت “الحمود”، إلى أن الأطفال الذين يتعرضون في منازلهم للتعنيف اللفظي أو الجسدي أو الجنسي أو العاطفي، يدفعهم ذلك للتنمّر على الآخرين بغية سكب غضبهم المكبوت، معلقة: “في هذه الحالة من المهم أن نعلم أن المتنمّر هو أيضًا ضحية عدم تقدير الذات”.

وتابعت: “الأولاد الذين يتعرّضون للتنمّر داخل المدارس غالبًا ما يعانون من الإحباط والقلق، والحزن الشديد، والوحدة، واضطرابات في النوم والأكل، وعدم الرغبة في مزاولة النشاطات، ومشكلات صحية، وتراجع في الدراسة، وقد يتغيبون عن المدرسة أو يرفضون الذهاب إليها في كثير من الأحيان، والبعض يتركون المدرسة بسبب التنمّر”.

وذكرت أسباب أزمة الهوية عند المراهقين، حيث قالت إنه يوجد العديد من العوامل والأسباب التي تؤدي إلى ظهور أزمة الهوية لدى المراهق، ومنها: شعور المراهق بنبذه أو استبعاده من قِبل الآخرين بسبب اختلاف ثقافته، أو عرقه، أو جنسه، أو لونه، أو ديانته، أو ضعف الروابط الأسرية بين المراهق ووالديه، وكثرة المشكلات بين الأبوين.

واستطردت بأنّ مرحلة المراهقة تُعد مرحلة التحرر من السلطة الوالدية؛ لتأتي الصداقات الخارجية بدلًا منها، لذا يعتبِر المراهق أنّ تصحيح سلوكياته من والديه تنمرًا عليه، ناصحة الآباء بمراعاة الخصائص العمرية لدى الأطفال والمراهقين؛ حتى يستطيعوا التعامل معهم، وإدارة الحوار مستغلين وقت تناول الطعام أو أثناء الجلسات العائلية، كي لا تنشأ فجوة بين الآباء والأبناء.

وذكرت “الحمود”، أن التربية تحتاج إلى ضبط سلوك الطفل بالثواب والعقاب معًا دون ضرر، وأنّ الهدف من تحديد أساليب الثواب والعقاب، هو إعطاء فائدة وقيمة للأوامر والنواهي التي يتربى عليها الطفل، فالثواب يُشجِّعه على تنفيذ ما تُريده منه. أمّا العقاب، فيردعه عن القيام بما عليه تجنُّبه.

وتطرقت إلى حلول أخرى حال عدم الحصول على نتائج من الثواب والعقاب، فعلى سبيل المثال يمكننا القيام بسحب امتيازات الطفل، وهي تُعد من أفضل الأساليب التربوية فمثلًا؛ إذا كان الطالب تحصيله الدراسي ضعيف بسبب قضاء وقت طويل على الألعاب الإلكترونية، ومشاهدة التلفاز، أو البلاي ستيشن، فإن حرمانه من هذه الأشياء لأكثر من يوم، يجعله لا يُكرر الخطأ مرة أخرى، ونحصل على النتائج المرجوة.

وعددت الاختصاصية النفسية، أساليب علاج التنمر، مثل: عدم إظهار أي ردة فعل إذا تعرض أحد للتنمر من قِبل الآخرين، وعدم الرد على المتنمرين بمحاولة التنمر عليهم، وتعلّم أحد الفنون القتالية للدفاع عن النفس، والابتعاد عن الموقف وطلب المساعدة في الحال، إضافة إلى تربية الطفل تربية صحية بعيدًا عن العنف والتنمّر.

وشددت على اهتمام الأهل بالتحدث إلى الطفل في حال ملاحظة أي مشكلة ما لديه، حيث إنّ أهم شيء يجب فعله عندما يتعرض الطفل للتنمر هو التحقق من صحّة الموقف، ومن الأمور التي قد تعرّض الطفل لها، مع أهمية الانتباه لمشاعر الطفل، كما يجب إخباره بأنه موضع اهتمام كبير لديهم.

واختتمت “الحمود” حديثها، قائلة: “إنّ الطفل الذي يشبُّ على تحمل المسؤولية والمشاركة ينال قسطًا وافرًا من التربية العملية لشخصيته وأخلاقياته وسلوكياته، فيصبح بذلك شخصًا ذا قيمة لا يعاني من عقد ومشكلات نفسية أو سلوكية”.




error: المحتوي محمي