ربما هي المرة الأولى التي أكتب فيها مقالين متتابعين هنا، والسبب دافع داخلي لا يمكن مقاومته، وليس أكثر من ذلك.
لقد تعودنا -مع الأسف- على رؤية النقاط السوداء في الصفحات البيضاء والإشارة لها بالقدح في حين أننا نتجاهل المساحة البيضاء الأعم وكأنها لا تعنينا. وأقصد بهذا العرض هو انتقادنا لكل صغيرة سواء للأفراد أو الجماعات، أو الجهات الرسمية الخدمية، أو الطبية وهي من أُخصص لها الكلام هنا.
فمنذ فترة ولا زلت أحاول التعود على زيارة مستشفى القطيف المركزي محاولًا التعود عليه كلما أصبت بعارض صحي، وذلك لقرب انتهاء تأميني الطبي نهائيًا، لدرجة أنني أجريت عملية جراحية متوسطة هناك مع أنه بإمكاني عملها في مستشفى خاص وعلى التأمين، ولكني لم أكن جازمًا حتى تهيأت الظروف لأكون تحت مشرط الاستشاري العزيز الدكتور حسين البحارنة -أسعد الله أوقاته- وهو الوحيد الذي تشجعت لأن أسلِمَهُ نفسي بعد أن فوضت أمري لله تعالى.
ولكن، ما الذي جرى قبل ذلك؟
هل كانت هناك عوائق؟
هل النظام في المستشفى يختلف عن المستشفيات الخاصة؟
هنا أقول أنني أجافي الحقيقة إن قلت لا، وإنما الفرق هو في الإجراءات، وكذلك في عدد المراجعين المرضى، والذي يفوق عددهم عن المستشفيات الخاصة بكثير، الأمر الذي نظن أنه بسبب التقصير وهو خلاف ذلك.
أعود للسبب الأساس للمقال اليوم وهو أني أستخدم دواءً أصبح شحيحًا منذ فترة في كل الصيدليات لأسباب أجهلها وقد استبدله المستشفى بدواء آخر أقل منه فاعلية وانقطع أيضًا، ثم بآخر معدوم الفاعلية، وهنا لا بد من أن أنصف المستشفى في عدد من الأمور والأشخاص الذين قابلتهم، وسأذكر بعضهم بالاسم والشكر إنصافًا بعد إذنهم.
فقد توجهت إلى قسم شؤون المرضى أولًا بعد المشورة وطلبت منهم أن يتواصلوا مع الطبيب المناوب حتى يصف لي الدواء الذي لم أكن أعلم أنه متوفر أم لا، وقام الموظف المسؤول مشكورًا على ذلك وبكل رحابة صدر، وأكد لي أن الوصفة ستكون جاهزة في اليوم التالي، وما علي سوى الذهاب للصيدلية مباشرة لتسلمه، وهو ما حدث بالفعل، ولكن -مع الأسف- لم يكن الدواء متوفرًا.
عندها كان القرار أن أذهب للمسؤول الأول عن الصيدليات، حيث بحثت عنه إلى أن وجدته.
وكيف وجدته؟
وجدت رجلاً رحب بي بعد السلام وأجلسني بالرغم من وجود أطباء معه استأذنوا وخرجوا بسبب وجودي ربما لظنهم أن لدي موضوعًا معينًا مع الأخ الذي للتو تشرفت بمعرفته وهو الأستاذ الجميل/ فاضل صباخ (أبو أحمد) والذي شرحت له قضيتي بالتفصيل وهو ينصت لي برحابة صدر وابتسامة جميلة قلما تراها من مسؤول خاصة في مستشفى يضج بالمرضى والمراجعين له ولغيره.
فبدأ باتصالاته بالأفراد ثم بالمستشفيات، ثم استدعى أحد الأطباء وإحدى الطبيبات، وطلب من الطبيب أن يبحث عن الدواء بمعرفته في المستشفى إن كان يوجد متبقٍ منه، ومع الأسف لم يكن كذلك. وأما الطبيبة فمن أجل أن تشرح لي طريقة استخدام الدواء إن كان له بديل أقل منه وذلك بالنسب المكتوبة وطريقة الاستخدام.
ولكم أن تتصوروا كيف كان تعامل الدكتورة حين أجلستني لمدة ساعة تقريبًا وهي تشرح لي الطريقة بعد أن استمعت مطولًا بلا ملل بالرغم من انشغالها وهو ما أخبرتني به لاحقًا وبعد أن أخذت كامل وقتي معها، بل واقترحت علي اقتراحات جميلة أقوم باتباعها الآن.
المهم أني خرجت دون الحصول على الدواء لعدم توفره فعلًا، ولكني كسبت بشرًا هم كما يقال عنهم ملائكة رحمة سواء أطباء أو موظفون، أكدوا لي أننا بخير، وأن هناك مخلصين يقومون بعملهم خير قيام، وخرجت على أمل أن يتوفر الدواء قريبًا.
لم أنته بعد، فقد عاودت زيارة المستشفى بعد أيام، ولم أذهب للصيدلية، بل للأخ الأستاذ فاضل مباشرة ولسوء الحظ كان في اجتماع من خلال مواقع التواصل، وهو ما اكتشفته حين طرقت الباب وفتحته وسلمت وأحسست أني قاطعته بعد أن رد السلام، فأردت أن أقفل راجعًا متأسفًا له، فقطع الاجتماع وقال انتظر بل تفضل اجلس، وأنا أسمع أصوات المجتمعين فذكرته بالدواء، فقال لي لم يتوفر بعد مع الأسف ووعدني بالاتصال بي مباشرة هو شخصيًا في نفس اليوم وهو يبتسم بابتسامته المعهودة التي تعد دواء بذاتها.
انتظرت ذلك اليوم واليوم الذي يليه ولم يتصل أحد، وفي اليوم الثالث تلقيت اتصالًا من رقم مجهول وفي العادة لا أرد على الأرقام المجهولة ولكن سبحان الله، فتحت الجوال لا إراديًا
وإذا بأحد الإخوة من صيدلية المستشفى يتصل بي ويخبرني بتوفر الدواء وأن أذهب له مباشرة لتسلمه في اليوم التالي.
هذه أمثلة سردتها على عجالة وتركت بعضها خاصة مع استشاري الأنف والأذن الدكتور حسين والطاقم الذين معه وهم من كسبتهم كإخوة تمامًا مثل الفاضل أبي أحمد.
فشكرًا لهم جميعًا على جمال وحرفية المعاملة وأقول نحن بخير ما دام حولنا خيّرون أمناء مثل هؤلاء، ومثلهم كثير.