هاتفتْ صديقتها وقدّمتْ لها دعوة للإفطار
معًا لكن صديقتها اعتذرت قائلة:
هو من الأيام الثلاثة التي اعتدت صومها في كلّ شهر رياضةً وطاعةً لله تعالى ، وهذا الصوم
يُعادل صوم الدهر .
وللأسف الشديد لايتنبّه له الكثير من الناس
ثمّ أضافت : لقد كان الإمام الرضا عليه السلام كثير الصيام ولايفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر ، إذ كان
يقول (ع) :
ذلك صوم الدهر .
الصوم عبادة تربي في الإنسان الاقتصاد في
الطعام مما يزيد من صفاء الفكر ويُنير القلب
لذلك جاءت إضافته لله تعالى فقد جاء في
الحديث القدسي :
( كلّ عمل لابن آدم فهو له إلا الصوم فإنه لي
وأنا أجزيبه )
وقد شارك أهل الأديان المختلفة المسلمين
في صيام شهر رمضان ، ويذكر التاريخ أنّ
الأديب أبا إسحاق الصابي كان يصوم شهر
رمضان ويحفظ القرآن حفظًا متقنًا وهو على دين المسيحية لما يرون من حب المسلمين للصيام .
فقد كان المسلمون يتسابقون على الصوم في جميع شهور السنة ويتخيرون الصوم في الأيام الشديدة الحرارة معللين ذلك بقول أحدهم :
( صمتُه ليوم أشدّ منه حرّا ) وهذا أمير
المؤمنين يقول : أحببت من دنياكم ثلاثة :
الصوم في الصيف،والضرب بالسيف ،
وإكرام الضيف .
وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام في
قول الله (عز وجل):
﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾: «يعني بالصبر الصوم» ، وقال عليه السلام:
إذا نزلت بالرجل النازلة أو الشدة فليصم فإن الله (عز وجل) يقول:
﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾
ويعيد التاريخ نفسه ،ففي تاريخنا الراهن
يشاركنا الكثير من أصحاب الديانات المختلفة فريضة الصيام أو الصوم التطوعي بناء على
نظرياتهم الصحيّة وتصريحاتهم الجمّة
بمنافع الصوم
ومن أشهر المؤلفين الذين تحدثوا عن منافع
الصوم هو الكاتب الأمريكي ماك فادن
حيث ألّف كتاب (الصيام) وناقش فيه النتائج العظيمة من أثر الصوم ومفعوله في القضاء
على الأمراض المستعصية.
وقد أكّد البروفيسور نيكولايف بيلوي من
موسكو في كتابه:
( الجوع من أجل الصحة ) أن على كل إنسان
المبادرة بالصوم كي يتمتع بالصحة الكاملة
طيلة حياته .
لقد اختار الزمن الذي نعيش فيه أن ينكشف
بكل الوجوه فجميع التحركات والسّكنات
والنظريات مكشوفة لنا كما أنّ فتْح نوافذ العلم للقاصي والداني
في بقاع العالم يخبرنا بأن الله تعالى هو الخبير العليم بكل احتياجات ذلك الإنسان الذي نفخ فيه الروح ، ووهبه عمارة الأرض.