
من أشهر هذه الكتب التي شوّهت تاريخ منطقة البحرين القديم كتاب طبع عام 1311 هجرية في الهند يشرح فيه ديوان ابن المقرب (ديوان ابن المقرب الطبعة الهندية) لكاتب مجهول يحمل الكثير من الكذب بين طياته.
فقد سبق وكتبنا عن تلفيق هذا الكاتب خبر نقل الحجر الأسود إلى القطيف وبناء كعبة وإجبار أهل المنطقة على الحج إليها وهذا الخبر لم يسبقه أحد حتى الشيخ/ حمد الجاسر قال إنه لم يقرأ هذا من قبل في أي من الكتب التاريخية.
ولكن للأسف اعتمد هذا الكتاب كمصدر تاريخي لمؤرّخي الأحساء وكتّابهم وبعض دكاترة الجامعات وإليكم بعض خزعبلاته:
قال ابن المقرب:
منا الذي أبطل الماشوش فانقطعت
آثاره وانمحى في الناس وانطسما.
ذكر هذا الشارح المجهول في طبعته الهندية قوله: “الذي أبطل الماشوش أبو شكر المبارك بن الحسن بن أبي مقرب العيوني والماشوش بدعة ابتدعتها القرامطة في البحرين وجعلوها دينًا وهو أن يجتمع الرجال والنساء في ليلة عندهم معلومة في السنة ويشعلون الشمع ويقومون يرقصون ويختلطون وفيهم أخوات الرجل وأمه وبناته وعماته وخالاته فإذا استكفوا من الرقص أطفأوا الشمع واختلطوا وقبض كل رجل منهم يد امرأة من الجمع وواقعها إن كانت من محارمه أو أجنبية”، وكتب في الهامش هي ليلة العاشر من المحرم.
من خلال بحثنا في كتب التاريخ لاحظنا أن ليلة الماشوش لا تخص القرامطة من بعيد ولا قريب كما جاء في كتاب شارح ابن المقرب (الطبعة الهندية) المطبوع عام 1311/2/15هـ، ولا علاقة لها بليلة العاشر من محرم.
وتبيّن لنا أن ياقوت الحموي المتوفى سنة 626هـ (1228م) أشار إلى ليلة الماشوش، وأرجع مصدرها إلى دير مسيحي هو دير الخوات (في الشام) حيث قال: دير الخوات: جمع أخت: بعكبرا، وأكثر أهله نساء، ولعله دير العذارى أو غيره، وهو في وسط البساتين، وعيده الأحد الأول من الصوم، يجتمع إليه كل من قرب من النصارى وفي هذا العيد ليلة الماشوش وهي ليلة يختلط فيها الرجال والنساء فلا يرد أحد يده عن شيء، وفيه يقول أبو عثمان الناجم:
آح قلبي من الصبابة، آح
من جوار مزينات ملاح
أهل دير الخوات بالله ربي
هل على عاشق قضى من جناح
وفتاة كأنها غصن بان
ذات وجه كمثل نور الصباح
ويتضح من قول الحموي أن هذه الليلة احتفال للمسيحيين وليس بدعة ابتدعها القرامطة في البحرين كما ينقل شارح ابن المقرب في النسخة الهندية. وهذه البدعة لا ترتبط بيوم عاشوراء المحرم وبليلة عاشوراء.
لكن للأسف أصبح هذا الجهل الذي نشره الشارح المجهول صاحب النسخة الهندية مصدرًا رئيسيًا لبعض الأساتذة والدكاترة في الجامعات نذكر منهم على سبيل المثال:
الأستاذ/ عبد الفتاح محمد الحلو شارح ديوان ابن المقرب نقل في كتابه في تعريف ليلة الماشوش نقلًا عن شارح ابن المقرب الطبعة الهندية قوله: “بدعة ابتدعها القرامطة في البحرين وجعلوها دينًا وهو أن يجتمع الرجال والنساء في ليلة عندهم معلومة في السنة هي ليلة العاشر من محرم وأول ليلة من برج الحمل المسمى بالنيروز ويشعلون الشموع ويقومون ويرقصون ويختلطون ومنهم أخوات الرجل وأمه وبناته وعماته وخالاته فإذا استكفوا من الرقص أطفأوا الشمع واختلطوا وقبض كل رجل منهم يد امرأة.. إلخ ص551.
كما أن الدكتور فضل بن عمار العماري كتب في كتابه (ابن مقرب وتاريخ الإمارة العيونية في بلاد البحرين) كتب في شرح الماشوش نقلًا من كتاب الأستاذ الحلو الذي أصلًا نقل من الشارح في الطبعة الهندية قال: “نعتقد في أول ليلة من ليالي النيروز برج الحمل الموافق لليلة العاشر من محرم”.
هكذا يبتدئ الكذب وينتشر.