شخصيات دوائية (7).. صيدلاني تاروت

عبق الخليج يأخذنا إلى جزيرة تاروت مسقط رأس أول صيدلاني من هذه الجزيرة، الصيدلاني صالح بن محمد السنونة.

نشأ في رحابها ودرس فيها الابتدائية والمتوسطة، ولعدم توفر الثانوية في تاروت والقطيف مع نهاية الستينات من القرن الماضي وفي تلك الفترة كانت الدراسة بالدمام (ولا أعلم كيف كان يدرس هناك؟ أيذهب كل يوم؟ وكيف كان يذهب؟ أم اتخذ مسكنًا بعيدًا عن الأهل (كان بعيدًا في تلك الأيام)، وتخرّج فيها عام 1969م، وكانت قد توّجته جامعة الملك سعود (الرياض)، كلية الصيدلية والتي أكملت عشر سنوات من افتتاحها، وبعد الامتحان التصنيفي والذي كان الأول في تاريخها تم القبول والدراسة لمدة عام، اضطرته الظروف لترك الدراسة والعمل بأحد البنوك لمدة سنتين تقريبًا، عاد بعدها وأرجعه تعلقه بها إليها عام 1973م، وهناك مع تغير النظام فيها من النظام السنوي إلى الفصلي ترافقت المصاعب من عدم وجود السكن الجامعي (أي لا بد من الإيجار) وليس هنالك مواصلات، فالاعتماد على المواصلات المتاحة (لا أعلم ما هي) ومع ذلك كانت المجاهدة في كل شيء (خصوصًا أن المورد المالي محدود بالمكافأة والتي تقدر بثلاثمائة ريال)، من السكن والمواصلات وحتى الكتب الجامعية التي لم تتوفر وكان بديلها طباعة الستانسل غير الواضحة والسيئة ومع ذلك لا بد من شرائها أولًا بأول، والتي كانت لجميع المواد فليس هنالك مسارات أو تخصصات (كما حصل بعد ذلك) مما أسهم في زيادة الصعوبات والجهد وخصوصًا أنها من الساعة السابعة صباحًا وحتى السابعة مساء، فكان وقت المذاكرة والاستعداد لليوم التالي والامتحانات ضيقًا جدًا ولكن الاتكال على الله وتوفيقاته كان له العون الكبير مع الميول القلبي لهذا العلم أسهم في زيادة الاستيعاب للمناهج المختلفة والعلوم المتعددة من صيدلانيات وعلم أدوية وعلم عقاقير وعلم كيمياء دوائية وغيرها، وساعد في ذلك أيضًا التدريب الصيفي في شركة أرامكو لأربع سنوات متتالية.

وكان التخرّج عام 1978م بعد خمس سنوات من الصبر والجهد، وهنا بدأت مرحلة ثانية بالحياة العملية والتي كان لا بد منها بالخدمة الإلزامية الحكومية أو دفع التعويض المالي عن الدراسة والذي كان غير متاح، ولعدم التمكن من ذلك عمل بوزارة الصحة وبدأ معها الجهاد في هذا العالم الجديد (أقول جهادًا لأنه كذلك، فلقد رأيته بعيني (ومحدش ألّي) الذي هو بعيد أشد البعد عن علم الصيدلة سواء بالجامعة أو أرامكو ويتسبب في جعل الصيدلاني في صراع دائم مع بيئة العمل، ولكن الدكتور صالح السنونة (الذي يستحق هذا اللقب) كما عرفته وعملت معه كان دائم الابتسامة (ما شاء الله عليه حفظه الله) حتى في أحلك الأوقات التي عايشها بعمله والذي بدأ في العام 1979م بالشؤون الصحية بالمنطقة الشرقية في المستودعات العامة وبعد عشرة أشهر وعلى العادة في تقدير الطاقات تم تكليفه بإدارة المستودعات واستمر ذلك لمدة عشر سنوات (أوجد اللمسات الصالحية)، ثم بعدها لإدارة الرخص الطبية رئيسًا لشؤون الصيدلة ونائبًا لمدير الرخص الطبية أي في العام 1989م واستمر به العمل هناك لمدة ثماني سنوات حتى العام 1995م حيث تم تكليفه بالعمل مديرًا لمستشفى صفوى النموذجي، كما أطلق عليه، واستمر العمل حتى بين العام 1998 و1999م حيث كلف كمشرف على الخدمات الصيدلية بالرعاية الصحية الأولية ولمدة ست سنوات، وفي العام 2005م تقريبًا تم التكليف بالعمل مديرًا للمختبر الإقليمي لمراقبة السموم ولمدة عام ونصف العام، وكان الختام بالتكليف بإدارة المختبرات حتى التقاعد في تمام العام 2014م بعد أربع وثلاثين سنة من الخدمة والعطاء، وكان هو مرجع صيدلاني في كل موقع من المواقع سواء بالمستودعات أو الرخص الطبية أو إدارة المستشفيات أو الرعاية الصيدلانية أو المختبرات، وكنت دائم التواصل معه لحل أي معضلة تواجهني وكان خير سند وعضيد والتقيته تقريبًا في جميع مواقع عمله بعد توظيفي بوزارة الصحة عام 1991م، وكمثل عطاء جزيرة تاروت من نخل وبحر كان عطاؤه والذي جعل إدارة الشؤون الصحية تكلفه ببعض المهام العامة إضافة إلى أعماله ومنها رئاسة لجان تجهيز المرافق الصحية المختلفة ولجان استلام أيضًا واستفاد كثيرًا من الدورات التخصصية والإدارية التي حصل عليها في معهد الإدارة وغيرها وكانت الصيدلة هي الشمس التي يدور حولها محاضرًا أو مدربًا ولقد استفدت الكثير الكثير منه.

فلأبي ثامر مني كل الشكر والتقدير والاحترام والإجلال أخي الدكتور صالح بن محمد السنونة.. وإلى لقاء مع شخصيات دوائية.


استدراك
في المقالة السابقة حصل بعض الهفوات غير المقصودة؛ الدكتور عبدالعزيز عبدالله الجامع وليس الدكتور إبراهيم عبدالله الجامع، ولم نذكر كلًا من الحاج سعيد العمران والحاج عبدالله الغريافي، وأيضًا الصيدلانية العزيزة فاطمة عبدالله هجلس خريجة عام 1992م، ونذكر أيضًا زميلنا العزيز الدكتور علي بداح الخالدي.



error: المحتوي محمي