الأوهام الخمسة

كثيرة وكبيرة هي الأوهام والخرافات والأساطير التي باتت تُسيّج حياتنا، بل وتخنق أحلامنا وطموحاتنا. أفكار وثقافات وسلوكيات وأنماط وعادات وتقاليد، كانت مجرد صور زائرة، لكنها تحولت -لأسباب وعوامل وتداعيات كثيرة- إلى محطات تجثم على صدورنا وعقولنا وتُقيم في وعينا وفكرنا، بل أصبحت قناعات راسخة لا انفكاك منها، وهنا تكمن الكارثة، حينما تتحول الأوهام إلى واقع ثابت، وحينما تُصبح الخرافات حقائق دامغة، وحينما تتجسد الأساطير دراما نحترف تمثيلها.

حاولت أن أحصر تلك الأوهام والخرافات والأساطير التي تُسيطر على فكرنا ومزاجنا، بل وتتحكم في قناعاتنا وأحكامنا، لكنني واجهت صعوبة بالغة في ذلك، فهي كثيرة ومتشعبة ومتداخلة، وباءت كل محاولاتي بالفشل، ففضلت أن أصنفها في خمسة عناوين كبرى، تلم شتاتها وتؤطر أبوابها.

والآن، إلى تلك العناوين/الأوهام الخمسة التي شوهت حياتنا وزيّفت قناعاتنا:

وهم الكمال: لم أجد أمة على وجه الأرض، قديماً وحديثاً، كأمتنا العربية -وكذلك الإسلامية- التي تدعي الكمال والعصمة في كل شيء. فهي أمة الرسالات ومهد الحضارات ومصدر الثقافات وسدرة الكمالات، ولا يوجد من يُنافسها على ذلك مطلقاً.

وهم الخصوصية: وهو عنوان بارز في حياتنا، يؤكد بما لا يدعو للشك، “تضخم الأنا” التي هيمنت كثيراً على حركتنا وهويتنا وتنميتنا. لكل الأمم والشعوب والمجتمعات في كل العالم، خصوصية تتناسب مع ثقافاتها وأصولها وأعراقها، ولكنها تُستثمر في تشكيل وعيها وتنمية قوتها، في حين كانت خصوصيتنا مصدر شقائنا وتخلفنا.

وهم الخلافة: والمقصود بالخلافة هنا، هو ذلك الوهم الكبير الذي كان ومازال يهدد حياتنا، والمتمثل بإيماننا الراسخ بأننا -دون غيرنا- نحمل مسؤولية إصلاح كل العالم وهداية كل البشر. نحن، ونحن فقط، من أوكلت إليه هذه المهمة المقدسة التي لا يقدر أحد غيرنا على تحمل أعبائها.

وَهْم الصواب: فنحن فقط على صواب، وغيرنا يقبع في متاهات الظنون والشبهات والمنكرات. تراثنا المعرفي وإرثنا الحضاري وقناعاتنا الفكرية، خط أحمر لا يمكن المساس به أو الاعتراض عليه، لأننا بكل بساطة على صواب دائم، غير قابل للخطأ.

الوهم الخامس: أنت من سيكتبه عزيزي القارئ.


error: المحتوي محمي