كيف نتعامل مع مجهول الحال؟

مجهول الحال كل شيء لا تُعلم حقيقته ظاهرة بوضوح إن كان مالًا أو شخصًا لو انكشفت ربما تغير الحكم والتعامل معه سلبًا أو إيجابًا نذكر ثلاثة منها هي محل ابتلاء: أولًا: الأموال المجهولة وما يدخل في حكمها:
ويعبر عنها في التشريع بـ”مجهول المالك” وهذه من اختصاص الفقهاء ولها توضيحات في المسائل الشرعية العملية والفتاوى يمكن لصاحب الحاجة الرجوع إليها أنا لست من المعنيين بها لذا أعرض عنها لمن يعنيهم أمرها “ذكرتها لصلتها بالموضوع”.

ثانيًا: الشهود المجهولون: تطلب المحاكم الشرعية عادة لإثبات القضايا المنظورة أمامها إن كانت حقوقية أو جنائية ما يعرف شرعًا بـ”البينة” لتصدر بموجبها الأحكام القضائية إذا صحت دون معارض وهذه تأتي في المرتبة الثانية بعد الإقرار، أي اعتراف المُدعى عليه الصريح بما ادُعي به ومتى انطبقت عليه شروط ذُكرت في محلها، من أهمها مطابقتها للواقع وأنه في محل يصح ويُقبل منه ذلك ولا يوجد ما يخالف إن حصل هذا حينها لا حاجة لطلب البينة “الشهود” وإلا ألزم بها المدعي لإثبات دعواه أو المدعى عليه “في حالات معينة” لنفيها عنه وعند أدائها للمشهود عليه الخيار بين قبولها وإلزامه أو الاعتراض على الشاهد “وإن كان ظاهره الاستقامة” وعلى الشهادة لردها بالطعن في ذات الأول بما يمنع قبولها وأبرز الموانع السلوك المخالف فيه أو نسب يقربه للمشهود له أو بسبب خصومة ثابتة شرعًا بينه وبين المشهود عليه وعلى الشهادة من قول يراه مخالفًا للمُدعي به فيبطلها ويحق له أن يقول في الشاهد “أجهل حاله” وهذا ما يعنينا هنا أي لا أعرفه زاكيًا فأقبل شهادته ولا أقول فيه بما لا أعلم فأجرحه وهو ما يجب أن نجيب به حال عدم معرفتنا بالشيء إن عُرض علينا.

ثالثًا: الأشخاص المجهولون: هذا أهم ما نعاني منه في وقتنا الحاضر ابتلاء يومي وكثرة القيل والقال حوله والاختلاف بين الفرقاء أنت تقول وأنا لا أعلم وثالث مخالف، وتتمثل في:
1- مجهول العين: هو الذي لا يُعرف شخصه كقول البعض: “قال أحد العارفين ورُوي عن الفضلاء الصالحين” أو نقْل الخبر دون ذكر اسم القائل أو الراوي أو ما يدل على تعريفه كما هو حال بعض القنوات والصحف المعاصرة عند قولها: “قال مصدر رفض الإفصاح عن اسمه ونُقل عن بعض المطلعين” وما أكثرها في مواقع التواصل الاجتماعي وهكذا. علينا في جميع هذه الحالات عدم القبول بها ونقلها للآخرين “وإن لم تكن مخالفة” أو عند مساءلتنا جوابنا “كما وصلني” هذه شهادة جهلنا لا فهمنا كتبناها بأيدينا نتحمل إثم مشاركتنا في تداولها كذبوا فصدقنا إذا كنا نريد البحث عن معارف لا نُلام عليها ولا نكذِب على غيرنا يلزمنا تصفية عقولنا عن مثلها ولا نسمح للجهلة بالضحك علينا.

2- مجهول الحال: هو الذي يُجهل حاله ومستواه وعلمه وصدقه وهل له علاقة بما نسب إليه وإن كان أهلًا أن يصدر منه هذا أم لا؟ قول البعض قال “عمرو” وسُمع “زيد” وإن كانا معروفي العين لكنهما مجهولا الحال فكيف لنا قبول ما نُقل عنهما؟ من الواجب أن نتأكد إن كانا صالحين ولا زالا أو تغير يومهما عن أمسهما أو لا يؤخذ منهما سابقًا ولاحقًا المنقولات لها قيمة مؤثرة في حياتنا وآخرتنا فلا نسلّم رقابنا لمن يضللنا بما لا أصل له أو مغلوط بزيادة ونقصان وتغيير فنحمل في عقولنا جهلًا نتعامل به مع مَن يعرفنا يستنقصنا ويقلل من شأننا “كذلك مقاطع متداولة تُبتر أحيانًا لاستهداف من يُراد إسقاطه” وهناك من يقدم لنا السُم في طبق العسل ونحن غافلون وقد ساعدناه على ضرر أنفسنا من حيث لا نعلم، الطاعة العمياء والانقياد دون معرفة الحقيقة طريق الهلكة، وأخيرًا لكل حالة مجهولة معالجة تناسبها، إن أخذنا بها ابتعدنا عن الحرام والغيبة وعرفنا حقوقنا عند التقاضي وحمينا عقولنا من التلاعب ونظفنا أفكارنا من عفن ما يُقال..



error: المحتوي محمي