قبل استئناف الموضوع عن الشخصيات الدوائية نتحدث عن: لماذا هذا الموضوع؟ وخصوصًا بعد أن وردت استفسارات عن الكتابة عن الشخصيات الطبية والهندسية وغيرها من المهن والتخصصات، نعم هذا مطلوب ولا مانع لدي عند الحصول على المعلومات الموثوقة عن هذه الشخصيات ويسعدنا ذلك كثيرًا. عودًا على بدء لماذا الشخصيات الدوائية؟
لا يختلف اثنان أن الدواء هو الضلع الثاني لمثلث الغذاء والدواء والسم، والذي هو فيما حولنا من أكل وشرب ومشمومات ومرئيات ومسموعات وقراءة وغيرها، فما كان فيه بناء ونمو وتطور فهو غذاء، وما كان فيه إصلاح لعطب أو خلل دون آثار جانبية فهو دواء، وما كان فيه سبب عطب أو خلل أو تدمير أو حتى موت فهو سم.
فمن كان لديه في علم الدواء نصيب فهو ممن نال شرف أحد ثلاثة علوم شريفة؛ علم الأبدان وعلم الأديان وعلم الإدارة والتي يجب ألا يخلو منها أي مجتمع مع باقي العلوم من تعليم وهندسة وزراعة وصناعة وغيرها، مما يعود على المجتمع بكل خير، وقد كان علم الطبابة والدواء علمًا واحدًا حتى جاء العالم (جالينوس) أبو الصيدلة وفصله عن الطب والذي كان (أبو قراط) هو ما حمل لواءه، وهنا معلومة قد يغفل عنها الكثير أن علم السموم علم قد يستغل لمضرة المجتمع وهذا ما قام به معلم الملك (نيرون) العالم (زينكا) والذي جعل الملك يحرق أثينا.
ونعود للدواء الذي كان له اهتمام كبير من قبل علماء الدين وبالخصوص الإمام الصادق عليه وعلى آبائه أفضل صلاة الله وسلامه، بتعليم العالم جابر بن حيان أصول علم الكيمياء والدواء، ثم كان بعده علماء كثيرون منهم ابن سيناء والرازي وغيرهم، وقد كان في القطيف علماء لهم باع في الدواء والعلاج ومنهم على سبيل الذكر لا الحصر الشيخ محمد بن نمر -يرحمه الله- والشيخ أحمد السنان -يرحمه الله- والحاج مهنا أبو السعود (ومن لديه معلومات عمن تعاطى علم الدواء فإن ذلك يسعدنا كثيرًا)، و جاء بعدهم الحاج محمد والحاج علي المهنا أبو السعود والذين نقلوها بدورهم إلى الحاج عبدالكريم أبو السعود والحاج إبراهيم الجامع وجاء معهم في نفس الفترة تقريبًا كل من الحاج علي والحاج أحمد المصطفى يرحمهم الله جميعًا.
إلى هنا كان التعاطي للعلم هو بالتعلم ممن سبق والخبرة حتى أخذ الشهادة الأولى في الصيدلة السيد سعيد العوامي عام 1960م وقبل ذلك بعام افتتحت كلية الصيدلة بجامعة الملك سعود العام 1959م، لكن المستغرب هنا أن أول صيدلي من منطقة القطيف الصيدلي محمد المصطفى تخرج بعد 17 سنة من تخرج السيد العوامي وهنا أين القدرات؟ والجواب أن كلية الصيدلة كانت من أشد الكليات قبولًا للطلاب سواء بالاختبارات أو المقابلات الشخصية، وهنا التساؤل! هل للصيدلة شيء يميزها عن باقي العلوم حتى تعامل بهذه الطريقة؟ ربما كان الرواد من الصيادلة أغلبهم من غير مواطني هذا البلد ويجدون في الصيدلة والصيدليات والأدوية وشركات الأدوية كنزًا لا يريدون أن يصل إليه غيرهم، وحاولوا بشتى الطرق تحجيم عدد الصيادلة السعوديين، حتى إن الدفعات التي كانت تتخرج في الكلية كان فيها من كل عشرة صيادلة اثنان أو ثلاثة سعوديين فقط والباقي من المقيمين أو المبتعثين من غير السعوديين، وهذا كان ملاحظًا كثيرًا وكان يتداول بين الطلاب أن الدراسة بكلية الصيدلة صعبة جدًا ولا يدخلها إلا (الدافور) والذي لم يقبل بكلية الطب، وكان ذلك ما لاحظته شخصيًا أثناء دراستي بأن أول دفعة خرجت صيادلة سعوديين فاق غيرهم فيها كان عام 1990م أي بعد إحدى وثلاثين سنة تقريبًا من افتتاحها وأيضًا ذلك ما حصل أيضًا مع كلية الصيدلة للأخوات والذي بدأ التخرج فيها عام 1986م، وهنا لاحظنا أن عدد الصيادلة المتخرجين من منطقة القطيف معدودون جدًا في تلك الفترة، وكان لزامًا علينا إبرازهم وتعريف المجتمع بهم وخصوصًا الزملاء الصيادلة والذين فتحت لهم السعودية الكليات في كل جامعة تقريبًا بعد الرياض والدمام وجدة والأحساء والقصيم والشمال والجنوب والشرق والغرب، وأيضًا ممن ابتعث للخارج ورجع حاملًا شهادتها.
فبعد الصيدلي محمد المصطفى، كان الدكتور إبراهيم عبدالله الجامع وبعده كل من الصيادلة أمين الميرزا حسين البريكي -يرحمه الله- والصيدلي صالح السنونة (أول صيدلاني من جزيرة تاروت عام 1978م ومعهم وبعدهم الدكتور أمير الشماسي -يرحمه الله- والدكتور فؤاد قاو، والصيدلاني عبدالعلي بن عبدالله البحارنة ومن ثم الصيدلاني عادل عبدالكريم المهنا أبو السعود وكان معهم من الزملاء من الأحساء الصيدلاني محمد رضا بو حليقة، وراضي حسن العمران، والدكتور حسن الخواجة، والدكتور عبدالكريم الفرحان، وحتى عام 1985م أي بعد ست وعشرين سنة من افتتاحها كان عددهم 8 فقط من القطيف وأربعة فقط من الأحساء، وهنا ما جعلنا ننظر لهم نظرة إجلال -نحن الصيادلة- من الجيل الثالث إذا صح التعبير أي بعد الصيدلاني أحمد محمد سعيد الجشي والذي تخرج في ذلك العام أي 1985م ولم يتخرج بعده من منطقة القطيف والأحساء أي صيدلي وطبعًا لا ننسى الخريجات؛ كلا من الصيدلانية هنية الصدير والصيدلانية نوال عبدالكريم الجشي (خريجة بريطانيا) وحتى عام 1990م حيث تخرج كل من الصيدلي علي حسن عبدالله الأحمد وسعيد حبيب الملا من صفوى كأول خريجي الصيدلة من صفوى والصيدلي محمد على سعود آل سليس كأول خريج صيدلة من سيهات والصيدلي حسن حيدر الرمضان كأول خريج صيدلة من قرية التوبي، متزامنًا مع خريجات كلية الصيدلة من الأخوات الكرام؛ كل من الصيدلانية وديعة عبدالله محمد الدار وهدى سلمان يزورون، وكان معهم من الأحساء المرحومة الصيدلانية أمل موسى العمران وتهاني عبدالكريم الطراح وخديجة العبداللطيف وأزهار عبدالنبي دعبل عام 1992م والصيدلانيات؛ إيمان محمد علي المحاسنة وهيفاء عبد المجيد الجامد ومنى محمد الجشي وهدى سعيد الرمضان وهيام حسن عبدالعزيز الجشي ونوال سعيد الزاير عام 1993م، وبعدها بدأت فورة كليات الصيدلة وخريجيها وأيضًا اختلاط مناطق القطيف ببعضها بعضًا وأيضًا الأحساء، وآمل الكتابة عمن يوفر لي المعلومات.
وبنظرة سريعة على عدد الخريجين مع عراقة كلية الصيدلة وعمرها المديد، إلا أن إنجابها الصيادلة السعوديين كان محدودًا ونحن نقدر لهم خوضهم غمار بحر الصيدلة للوصول للشاطئ بشهادة الصيدلة التي أثمرت بيدهم أعمالًا جليلة نراها الآن في مواقع العمل الصيدلاني المختلف، فشكرًا لهم ولجهودهم ونلتقي بشخصيات دوائية إن شاء الله.