هناك قصة ظريفة تعلمتها في المرحلة الابتدائية تقول: إن طفلًا يرعى الأغنام صار ينادي أباه كاذبًا أن الذئب قد جاء، وحينما جاء أبوه مسرعًا ضحك الابن وقال لأبيه إنه كذب عليه، هكذا أعاد الكرّة للمرة الثانية بعد أيام فهب أبوه كذلك للنجدة ولكن اتضح له مرة أخرى أن الابن يكذب، وفي المرة الثالثة حينما رأى الذئب نادى مستغيثًا إلا أن الأب لم يكترث به، حينها افترس الذئب ما شاء من الأغنام دون أن يعيقه أحد.
فكرة القصة أن شخصًا حينما يعتاد الكذب فلن يصدقه أحد حتى لو قال شيئًا من الصدق فيما بعد، تمنحني هذه القصة فرصة جيدة للقياس المنطقي على من اعتاد تسفيه الدين واحتقار المراجع وتكرار السخرية منهم بذات الأسلوب وبالكذب والافتراء والتضليل، هكذا أظن أن شخصًا كهذا ربما يلقى من يكترث بترهاته في بداية الأمر، ولكنه مع الزمن يفقد مصداقيته ويصبح الجميع ينظرون لسلوكه العدائي على أنه مادة للتندر والسخرية، وحتى لو كتب يومًا ما يستحق أن يُقرأ فلن يجد له إلا عددًا قليلًا من المرضى الذين لا تخلو المجتمعات البشرية من نسبة منهم.
إن تكرار استخدام نفس الطعم يجعل حتى الأشخاص الأقل ذكاء على درجة جيدة من الحيطة بحيث لا تنطلي عليهم الخدعة، في اعتقادي أن التكتيك الذي يقوم على إغراق المجتمع بسيل من الأكاذيب والشبه سيجعل حتى الملحدين في القطيف يعزون في حسينية النهاش ويوزعون عيش الحسين، هذا لأن الكذاب هو أفضل من يسوق للفكرة التي يطعن فيها، أما المصاب بجنون العظمة التي من أعراضها أن يتحول الى أصمخ (فاقد للسمع)، فأظن أن الاستمتاع بترهاته من الأمور التي تساعد ربما على التخلص من آلام القولون وارتجاع المريء، السبب في ذلك أن المغرور هو حزب معارضة دائمًا، هو شخص خلق ليعارض كل شيء، حتى لو قلت له أن الماء هو H2O سيعارضك، لأنه باختصار الوحيد الذي يعلم كل شيء، وحده لا شريك له، وحينما تسول لك نفسك أن تتفوه بكلمة، فسيذكرك بأن علامته في الماث كانت عالية، وبحثه في الفيزكس كان أعجوبة الدنيا، ولو أن كندا لم تسمح له بمغادرة أراضيها، لما كان للصين أن تتفوق عليها صناعيًا، المصاب بجنون العظمة شخص ينبغي أن تلتزم الصمت بحضرته، لأنه شخص لا يسمع ولا يريد أن يسمع وإذا سمع لا يفهم.
إن حرية الرأي وحق الاختلاف الذي يرفعه البعض كشعار هو في نسبة قد لا تكون قليلة دجل وكذب وافتراء، هكذا حدثنا التاريخ عن ثوار طالما رفعوا شعار الديموقراطية والحرية للجميع وحالما وصلوا أصبحوا أشد من سابقيهم، وإنني أظن أن نسبة من هؤلاء الكُتاب لو منحهم الله القدرة على إدارة شؤون العباد لأصبحنا في كل يوم نترحم على لينين وستالين وهتلر ونقرأ لأرواحهم الفاتحة قبلها الصلاة على محمد وآل محمد.