لقبٌ تنتهي إليه كلّ الألقاب!

اليوم هو أول يومٍ من شهرِ أيلول/سبتمبر، شهر نثر البذور. يقول الفلكيون: إن حرارة الجوّ والرطوبة تخفّ عندنا -قليلًا- في آخر هذا الشهر! يأتي الخريفُ وسيأتي بعده الشتاء، وكل الرجاء أن تكون دنيانا وآخرتنا بردًا وسلامًا.

في المسافات الزمنية يلتقي كثيرٌ من الأشياء، ومنها ألقاب كل الناس، صغرت ألقابهم أم كبرت! كل لقبٍ يصير إلى لقب “المتوفى”، أو “المرحوم” أو ما شابه هذا اللقب. الزوجة أو الزوج يبحث عن شريك حياةٍ آخر!
بعد عدة دقائق يضرب الورثة أخماسًا في أسداس، كم نصيبهم من الإرث؟!
الدار -لا تعلم من يسكنها- لكن تُسكن!
الأشياء الثلاثة هي أغلى من كل شيء قبل الموت؛ الدار والمال والزوج، بعد ذلك كل شيء يهون!
السيارة، الأسهم، حساب الاستثمار، النفائس الغالية الثمن، تنتقل إلى ملاك آخرين!
الملابس ترمى مع ما تفرّق من الأمتعة الصغيرة “الخردة”!
تختفي كلّ الشهادات الأكاديميّة وتُصدر شهادة “ميت”.

رجع الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من صفين فأشرف على القبور بظاهر الكوفة فقال مخاطبًا الموتى: “يا أهلَ الديارِ الموحشة، والمحال المقفرة، والقبور المظلمة. يا أهلَ التربة، يا أهلَ الغربة، يا أهلَ الوحدة، يا أهلَ الوحشة، أنتم لنا فرط سابق، ونحن لكم تبع لاحق، أما الدور فقد سكنت، وأما الأزواج فقد نكحت، وأما الأموال فقد قسمت، هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟
ثم التفت إلى أصحابه فقال: أما والله لو أذن لهم في الكلام، لأَخبروكم أنّ خير الزاد التقوى”.

إذن، عش حياتكَ كما يجب لا كما تحب! فلعلّ الرحلة لا تكون بذلك السوء الذي نظن! وإليكم هذه المبشرات:
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}.
{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

عن رسول الله (صلى اللهُ عليه وآله): “ما شبهتُ خروج المؤمنِ من الدنيا إلا مثل خروج الصبيّ من بطنِ أمه من ذلك الغمّ والظلمة إلى روح الدنيا”. وأيضًا: “إن ملكَ الموت ليقف من المؤمن عند موته موقف العبدِ الذليل من المولى، فيقوم وأصحابه لا يدنو منه حتى يبدأه بالتسليم ويبشره بالجنة”.

خلاصة المرام هي ما روي عن الإمام علي (عليه السلام): “خيرُ الأعمال اعتدال الرجاءِ والخوف!”.



error: المحتوي محمي