لست أنا من يحكي عن الشخصيات الدوائية إنما هي من تحكي عن نفسها بما قدمته وقامت به خلال سنوات العمر، وهذا هو الرصيد الذي يبقى للأجيال التالية؛ لكي يأخذوا منها ما يستفيدون منه من التجارب التي لن تكون متاحة لهم لاختلاف الزمان والمكان والحياة وما حولنا من تطور علمي وعمراني وتقني.
فمن كان يسير الكيلو مترات على رجله؛ لكي يحصل على العلوم من المدرسة، ليس كمن ركب الدراجة إليها ومن يذهب بسيارة مكيفة، من كان يذاكر على (الصراجة – السراجة) أو (الفانوس) أو (التريك) ليس كمن لديه من الإضاءة ما يعمل بالإشارة.
هنا الفرق بين ذلك الزمان عندما ولدت شخصيتنا الدوائية الصيدلي محمد علي المصطفى عام 1368هـ، ورأى النور في بيت كان الحاج علي المصطفى (إحدى شخصياتنا الدوائية إن شاء الله التي آمل أن أوفق في الكتابة عنها) كان يرحمه الله يزاول مهنة العطارة، وفي تلك البيئة بدأت شخصيتنا الدوائية تتكون وتنمو وأخذت اتجاه حب الدواء بدخول كلية الصيدلة والتخرج فيها عام 1393هـ، و لإلزامية العمل الحكومي بعد التخرج في ذلك الوقت، وخلافًا للطموح في الدخول إلى عالم الصيدلة التجاري المجتمعي إن صح التعبير (community pharmacy) فإنه عمل بوزارة الدفاع، بالقاعدة الجوية بالظهران لمدة عامين.
وفي عام 1395 – 1396هـ الموافق 1976م بدأ في ترسيخ طموحه في إنشاء صيدليته الخاصة، حتى كان ذلك في العام 1977م لصيدلية الشفاء في منزل والده مقابل (كتابة العدل القديمة) قرب (إمارة القطيف سابقًا)، فكانت الباكورة التي انطلق منها حتى وصل مجموع الصيدليات التي كان يديرها إلى أكثر من ست صيدليات، ثم كانت صيدلية الشفاء (الهادي سابقًا) بشارع الملك عبدالعزيز هي النقلة النوعية لمجموعة الصيدليات، وكنت أثناء دراستي الجامعية دائم التردد عليها لأرى من هو هذا (الدكتور) محمد المصطفى، والذي كنت أسمع عنه الكثير كصيدلي متمكن في العلوم الصيدلية، والذي لم يبخل بها يومًا عمن يطلبها، وهذا ما سمعته ممن استفادوا من الاستشارات الصيدلانية التي كان يقدمها دعمًا لحبه الدواء والمجتمع لمدة أربعين عامًا من العطاء، أطال الله في عمره.
وفي العام 2021م ونتيجة التغيرات العمرانية التي اقتضت إزالة المبنى الذي كانت فيه صيدلية الشفاء تم نقلها لشارع القدس، ولا يزال الدكتور محمد المصطفى بنفسه يقدمها، والذي قلص أعماله الصيدلانية حتى يتفرغ لذلك.
والصورة لها وجه آخر يكملها، فهو من أسهم في العام 1986م في شركة الدوائية (سبيماكو) وكان أول صيدلي عضو في مجلس إدارتها لمدة خمس سنوات، وكان له دور في العمل التجاري بعضوية الغرفة التجارية 1987م.
وشجرة الصيدلة من يزرعها فإن ثمارها لابد أن تنبت صيدلة أيضًا، وثمرة الدكتور المصطفى هي الصيدلانية مشاعل المصطفى، والتي تعمل بمستشفى الملك فهد التعليمي بالخبر وفقها الله وحفظهما جميعًا.
و إلى لقاء مع حكاية أخرى لشخصيات دوائية.