أطلق القاص جمال عبد الله الناصر، المُنحدر من بلدة القديح، باكورة أعماله القصصية بعنوان: “تيه اللّغة”، والتي صدرت عن دار ريادة للنشر والتوزيع، وضمت بين دفتيها 67 نصًا سرديًا في 141 صفحةً، تحت رعاية كريمة من مُنتدى سيهات الأدبي “عرش البيان”.
إصدار متنوع
استهل القاص حديثه عن مجموعته القصصية، موضحًا أن الكتابة السّردية في الإصدار تتجه إلى الأسلوب الوجداني، فالأبجدية جاءت لاستكشاف مواطن الجمال، مشيرًا إلى أن فكرة إصداره البكر تأتي مما يحمله ويعيشه الإنسان من مشاعر.
وضم “تيه اللغة” في جزئه الأول مجموعة قصصية مكونة من 12 قصة قصيرة، بينما احتوى الجزء الثّاني على 55 قصة قصيرة جدًا، ناقش “الناصر”من خلالها عدّة موضوعات منها؛ الدّيني، والاجتماعي، والعاطفي، معقبًا: “رُؤية الكاتب تتجلى من خلال الفعل الدّرامي، فالفكرة تأتي من خلال الحياة بمُجملها، ليُعاد تركيبها”.
طفولة واستهلال
وتحدث “الناصر” عن بداياته في الكتابة، قائلًا: “إنَّه تعلق بعالم الكتابة مُنذ صغره، وخاصة الشّعر والخاطرة في البداية، ليحترفها في المرحلة الثّانوية، حيث تأثر بالشّاعر نزار قباني، وقرأه بعمق، ثم تنوعت قراءاته بعد ذلك لتشمل الرّوايات الأدبية، والقراءة عن حياة المُبدعين، والفلاسفة؛ لإيمانه الكبير بأنَّ حياتهم، تُعد أكاديمية تقطف منها فاكهة المعرفة، كما أنك تتعلم من سيرتهم ما يجعلك تختصر المسافات في عملية التّعلم”.
وانتقل بعد الكتابة الشّعرية، إلى عالم القصة بنوعيها؛ القصيرة، والقصيرة جدًا، وكان ينشر ما ينسجه من قصص عبر “السوشيال ميديا”، بالإضافة إلى نشرها في صحيفة «القطيف اليوم»، حتى أتى اليوم الذي جعلها بين دفتي كتاب.
وأجاب “الناصر” عن السّبب وراء طباعة الإصدار الآن، بالرغم من صدور بعض النّصوص التي تمّت كتابتها مُنذ قرابة الـ 15 عامًا، قائلًا: “حقيقة لم أفكر جديًا في الطّباعة إلا مُؤخرًا، وذلك احترامًا للقارئ؛ لقناعتي بأنّه لابد من أن يُقدم الكاتب للقارئ ما يليق به، ويستحق أن يقضي وقته بين دفتيه، مُتوجسًا من عدم رُقي الإصدار إلى مستوى القارئ”.
فضل وشكر واجب
وأرجع “الناصر” الفضل في بداياته الكتابية، إلى تشجيع الكاتب والنّاقد المسرحي عباس الحايك؛ حيث كان يعرض عليه كتاباته، وهو بدوره يقُوم بتوجيهه، ليُعلمه مواطن الضّعف والقُوة، وما ينبغي أن يقُوم به، بالإضافة إلى قيامه بتعديل نُصوصه قدر المُستطاع، نظرًا لمشاغله الكثيرة، معقبًا: “إنَّ الإنسان يحتاج إلى من يحتضنه، ويشدّ من أزره، ويُضيء له الطّريق، ويُرشده”.
ثقافة وعزوف
لا ينتمي “الناصر” إلى اتجاه كتابي مُعين، أو مدرسة مُعينة، فهو ينظر إلى الكتابة كالحياة في أفقها الواسع، في كلّ ضفة منها يكمن الجمال؛ لأنه يرى أن الانتماء إلى مدرسة معينة في الأدب، يعد تقعرًا يقع فيه الكاتب، ويجعل إبداعه في حدود النّظرية، معقبًا: “الأدب كالسّماء الصّافية، وكالبحر في أمواجه الزّرقاء”.
عالم مُتسع
وأوضح أنَّ الكتابة عالم مُتسع الأفق، لذا ينبغي أن يكون القارئ مُنفتحًا على الكثير من الفنون، والقراءات المُتعددة المُختلفة، فهو يرى أنه من الأحرى أن يأخذ الكاتب من المدارس ما يأخذ، ليُكوّن له أسلوبه ولغته الخاصة به والتي تسهم في نضوج تجربته.
وبيّن “الناصر” رأيه في المنجز القطيفي فيما يخص الكتابة السّردية، في القصة والرّواية الأدبية، بأن القطيف مُزدهرة، ولديها مُبدعون على مُستوى القصة والرّواية الأدبية منهم -على سبيل المثال لا الحصر- الرّوائي محمد الحميدي، والرّوائية أنهار عبدالله، والرّوائية هدى العوى، وغيرها من النماذج الإبداعية التي نشرف ونفتخر بها كثيرًا.
وأشار “الناصر”، إلى أنَّه قرأ الكثير من الإصدارات لليراع القطيفي من كلا الجنسين، مضيفًا: “إن بعض هذه الإصدارات مُبدعة، بينما يحتاج البعض الآخر إلى المُراجعة والتّريث قبل الطّباعة؛ حيث إن بعض الإصدارات تُناسب الذَائقة الأدبية لدى المُتلقي من النُخبة، والمُتلقي العادي الذي أصبح لا يقل عن النّخبوي بنسبة كبيرة، حيث إن قنوات التّواصل الاجتماعي أصبحت توفر المعلومة بشكل سهل، ما جعل الإنسان -ثقافيًا- ذا مستوى راقٍ”، داعيًا الكُتاب إلى التّأني في الطّباعة حتى لا يكون الإصدار هو المحطة التي تُبعده عن الكتابة، فلا يعُود إليها مرة أخرى، نظرًا لهذا الاستعجال.
وقدّم الناصر في نهاية اللّقاء نصائح للكتاب، أبرزها احترام القارئ والتريث في الكتابة والنشر؛ فالهدف أعمق من النظرة السطحية لإصدار الكتب ووضعها في المكتبة، معقبًا: “أنصح -مُتواضعًا- كلّ صاحب يراع، بألا يستعجل في دخول إصداره مرحلة الضّوء والنّشر، ليكون الإصدار مُلهمًا، وتكون التّجربة ناضجة، وأن يتم مُراجعة الإصدار بشكل دقيق”.
يُذكر أنَّ “الناصر” الذي يعمل معلمًا للغة العربية، في جعبته عدد من الإصدارات الجاهزة للطّباعة، منها: إصدار قصصي بعنوان: كأنَّه الضّوء، وإصدار آخر في صورة مقالات بعنوان: مائدة أمي، ونثريات بعنوان: جماليات، وتأملات نقدية.