لكنَّها لم ترحل.. «4»

عبير تطرق الباب، تفتح لها ياسمين: أعتذر على الإزعاج، تقُول عبير في خجل: لا يُوجد إزعاج، أنتِ تُشرفين في أيّ وقت، ترد عليها ياسمين في سعادة، أشارت لها ياسمين أن تدخل، وتُشاركهما جلسة ما قبل النّوم.

جلست عبير بقُرب حنان على طرف السّرير، بادرتهما: سعيدة بوجودي بينكما، لا أعلم فإنَّ قلبي، تعلق بكِ يا حنان، وبكِ يا ياسمين، لم أعرف للنّوم سبيلًا، اشتقت إلى الحديث في حضرة القلب الطّيب.

احتضنتها حنان بشوق، وقبلتها ياسمين بحُب، واتفقن على أن يكن صديقات.

عبير إنسانة بسيطة جدًا من أسرة فقيرة، لديها متجر إلكتروني، لعمل الحلويات في قناة التّواصل الاجتماعي “الانستغرام”، تقُوم بُمساعدة والدها المُتقاعد، والصّرف على نفسها، تُجيب عبير على سُؤال حنان وياسمين عن حياتها، لتتعرفا عليها أكثر.

حنان، جاء في خاطرها أن تُوجه السُؤال ذاته إلى ياسمين، لتتعرف على تفاصيل حياتها، الحالة المعهودة في المرأة، بأنَّها تميل إلى السُؤال عن كلّ شيء، لتعرف أكثر، خُصوصًا عنزالأشياء، التي تُحبها، كيف لا، وياسمين دخلت أعماق قلبها بلا استئذان، أقنعت نفسها بأنَّ تستغل الفرصة غدًا في الجامعة، لتسألها، وتسمع تفاصيلها.

بزغت خيوط الفجر، استيقظت ياسمين مُنتعشة، كلّها أمل، وأيقظت حنان: صباح الخير حنان، لقد رُفع الأذان.. صباح الخير حبيبتي، إن شاء الله.

أسبغت الوضوء، فرشت سجادتها، لتُقيم الصّلاة، وقراءة دُعاء الصّباح، بين خُشوع الدّعاء، جلست حنان بقُربها، تُصغي إليها، ذهبت كلّ واحدة، لتُجهز نفسها لأول يوم جامعي، بينما توجهت ياسمين إلى المطبخ، لتُعد الإفطار، وإذا بعبير تُسبغ الوضوء لتُؤدي الصّلاة، بينما الأخريات، أخذ النوم منهن كلّ مأخذ.

جلست حنان وعبير على مائدة الإفطار، فقد طلبت منهنَّ ياسمين أن تجلسا، وهي وحدها ستُعد الإفطار، انتهت من وضع الأطباق، سكبت الحليب في الشّاي، وبابتسامة عفوية، قالت: الإفطار جاهز، هنيئًا مريئًا.. تناولتا ما أتقنت ياسمين إعداده.

الصّباح المليء باللّطف، المُفعم بمشاعر الألفة والمحبة، التّناغم الرُوحي، له طعم آخر.. تقُول عبير تعبيرًا عن سعادتها الكبيرة بهذه الأجواء، التي وصفتها بالحنونة، لتشكر ياسمين على الطّعام اللّذيذ.

أومأت حنان بطرفها مُوافقة على كلماتها، وترمق ياسمين بعشق، كأنثى تتغزل في اللّحظات التي تتمنى ألا ينتهي شذاها.

استقلن سيارة أجرة، وتوجهن إلى الجامعة، يحذوهنَّ الحُلم الرّقيق، والرّغبة الكبيرة في تحقيقه.

تهمس ياسميين.. الآن..، المُستقبل أمامنا، هي السّنوات، ستمضي، كلّ ما علينا أن نجتهد، ألا يُشغلنا شيء عن الدّراسة.

وصلن إلى الجامعة، توجهت ياسمين برفقة عبير إلى قسم اللّغة العربية، بينما حنان توجهت إلى قسم التربية الفنية، لأخذ الجدول الدّراسي، واتفقن على اللقاء في الكافتيريا بعد الانتهاء من أمُورهنَّ.

مرّ شهر على الدّراسة، تأقلمن على وضعهنَّ الجديد، في الإجازة الأسبوعية ينزلن إلى أسرهنَّ، يحملهن الشّوق.

ذات وقت، بينما هنَّ جالسات في الصّالة، يرتشفن القهوة، كانت ياسمين شاردة الذّهن على غير عادتها.. سألتها حنان: ما بكِ؟! أجابتها: لا شيء.. أصرّت حنان عليها لتُخبرها فامتنعت، ولكن قالت لها أنَّها ستُخبرها في الغُرفة في وقت لاحق، وحدهما.

جلست الأخريات من النّوم، جهزن أنفُسهن للذّهاب إلى الجامعة، لم يرغبن في تناول الإفطار في الشُقة.. هكذا طلبت أريج، وهي تُمارس فرض سيطرتها لتُشبع الأنا التي تُعاني منها؛ لتكتشف ذاتها بهذا الأسلوب، تعيش واقعها بنرجسية، تُريد أن تكون البوصلة في دنياها من خلال علاقاتها..



error: المحتوي محمي