«أسطورة العمل الإنساني».. الذي وظّف رئيس الولايات المتحدة

بيل غيتس، وعدد من أصحاب المليارات في عصرنا الحاضر، قدموا جزءًا كبيرًا من ثرواتهم لأعمال الخير، هم من أكثر أهل الأرض تبرعًا وخدمة للمجتمع، إلا أن التاريخ يوضح لنا أن هناك من سبقهم في مرتبة الثراء، وسبقهم أيضًا في تقديم كل ماله لأعمال الخير، بل كان ينادي الآخرين ويحثهم على ذلك، وما كان يملكه -بمقياس ذلك الزمن- أعلى بكثير من أثرياء هذا الوقت، إنه السيد “أندرو كارنيجي”، الذي عاش بين عامي( 1835 – 1919م).

أُطلق عليه لقب أسطورة العمل الإنساني، وأعظم الخيريين في التاريخ، علاوة على لقب أغنى رجل في العالم، بعد أن كان عاملًا في بداية حياته بمقابل 1.2 دولارًا في الأسبوع، وتلك الألقاب الخيرة التي أطلقت عليه لم تأت من فراغ، فله إسهامات كبيرة جدًا في أعمال الخير، لا تعد ولا تحصى في الولايات المتحدة الأمريكية وفي بريطانيا.

أسس 2500 مكتبة، ولم يرغب في كتابة اسمه عليها، كان متواضعًا فلم يكتب اسمه إلا على 500 مكتبة فقط، كتب في عام 1898م مقالًا بعنوان (إنجيل الثروة)، حث فيه الأثرياء على التبرع بما يملكون في حياتهم.

كان يكره الحروب، ويدعو إلى السلام، وبعد خروج صديقه الرئيس الأمريكي “روزفلت” من البيت الأبيض، أرسله كمندوب له إلى الدول الأوربية ليكون رسول سلام بعد نهاية الحرب.

بعد أن باع مصنعه للفولاذ الموجود بالولايات المتحدة الأمريكية بمبلغ 480 مليون دولار -وهو مبلغ كبير جدًا وقتها- خصص أغلب ذلك المال للأعمال الخيرية، ولم يترك لعائلته إلا القليل جدا، انطلاقًا من مبدئه ورؤيته في ضرورة أن ينفق الأثرياء أموالهم على الناس في حياتهم، ولعل بعض الأثرياء -الآن- أمثال “بيل غيتس” ينفقون المليارات في أعمال الخير، وهم يشرفون على إنفاقها، ولا شك أن صاحب المال أقدر على معرفة نواحي الإنفاق من ورثته.

وتلك -لعمري- نظرية جاء ذكرها في الأحاديث الشريفة، حيث أشار الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى أن إنفاق الشخص ماله في حياته، ثوابه أضعاف إنفاقه من قبل الورثة بعد وفاته.

وطننا ملئ -والحمد لله- بمثل هذه النماذج، نماذج قدمت وتقدم عشرات بل مئات الملايين في أعمال الخير، بهدوء وطمأنينة، في حياتهم وتحت نظرهم ومعرفتهم.

وفي مجتمعنا المحلي بالقطيف، هناك أيضًا عديد من رجال الأعمال، الذين أسهموا ويسهمون كل يوم، في الكثير من المشروعات، حيث ينفقون عشرات الملايين في أعمال الخير المختلفة، ولعلنا نذكر على سبيل المثال: المحروس والسيهاتي كنماذج نيرة، وقدوات مضيئة، كانت ولا تزال مضرب المثل في استمرارية الدعم والبذل للمشروعات الخيرية في مختلف مدن المحافظة، وتلك نعمة، أن يقدم الأثرياء إسهاماتهم، ويسعدون وهم يرون -في حياتهم- أموالهم تتحول إلى خدمات مجتمعية مفيدة للناس.

وإذا كان الأمر مطروحًا بالنسبة لرجال الأعمال، في أهمية تبرع الشخص في حياته في أعمال الخير -كما يشير كارنيجي- فالأمر أيضا ينطبق على الأفراد، فإذا كانت هناك نية لتقديم الفرد بعض ما يملك في أعمال الخير، فالأفضل أن يكون ذلك الآن، في وقت حياة الفرد، وهو أفضل بكثير من تأجيلها في نواحٍ عدة، وهناك عديد من النماذج الفردية التي ارتأت هذا النهج، وتقدم باستمرار مبادرات خيرة، وإسهامات فاعلة لعديد من مواقع الحاجة المجتمعية، انطلاقا من هذا المبدأ، وأملنا أن تزداد هذه الحالة، ويكون الأصل لدينا جميعا أن نقدم الآن، ونسهم في الوقت الحالي، ليكون ثوابنا وأجرنا أضعافا مضاعفة بحول الله.



error: المحتوي محمي