الشعور بالذنب

في طريقي للمحاسب، فجأة سمعت النداء الآلي يقول: على صاحب السيارة رقم “اللوحة واللون” التوجه إلى قسم الاستقبال ، مباشرة اتجه نظري إلى رجل الأمن وبيده الميكرفون، وكان شابًا صغيرًا، لوّحت له بيدي وقلت له: أنا صاحب تلك السيارة، رافقته وهو يهمس لي بصوت منخفض: سيارتك تعرضت لحادث تصادم من قبل فتاة في مواقف المجمع، وفي أثناء الطريق أردف يقول: سيارتك يا عمي واقفة في المكان الخطأ، وتأخذ حيّزًا من الطريق، شككت في أن السيارة تخصني؛ لأنني واثق أن وقوفي كان بشكل نظامي وسليم.

وصلنا، وإذا بفتاة أتوقع عمرها 15 سنة، يبدو ذلك من حجمها وطولها وبراءتها، وما إن اقتربت إلا ورجل بجانب الفتاة يقول لي: الاحتكاك الذي وقع لسيارتك بسيط، ويحتاج إلى تلميع فقط، ويرجع الوضع إلى ما هو عليه، هذا الرجل لم أعبأ به؛ أدرت عيني عنه والتفت إلى الفتاة مباشرة، وقلت لها: أنت يا بنتي كيف حالك؟ هل أنت بخير؟ قالت: الحمد لله، ولكنني خجلة مما فعلته بسيارتك، قلت لها: لا يهمّك، ومكافأة لأمانتك اذهبي إلى بيتك، وانسي الموضوع، ومبرّأة الذمة، ولا تفكري فيما حدث، ودعتني وهي تغمرني بالشكر والدعوات وابتسامة الرضا.

رجعت للكاشير، لأدفع له قيمة مشترياتي، وفي طريقي، تفرّغت لرجل الأمن الشاب، ولم أنس استقباله لي عندما أخبرني عن السيارة، قلت له يا ولدي أسلوبك كان خطأ معي، فأنا المتضرر وكان عليك أن تأخذ بخاطري، لكنك حمّلتني الخطأ، وتعاملت معي وكأنني أنا المتهم، وليس تلك الفتاة، يبدو أنه كان لحظة وقوع الحادث يعيش جوًا آخر، وانتبه الآن، وابتسم في وجهي، وعلى خدّيه بعض الحمرة وقال: سامحني يا أبي يبدو أنني تسرعت، وخانني الأسلوب معك، طبطبت على ظهره وقلت له: حصل خير، واحمد ربك أنك وقعت في يدي وليس في يد واحد آخر، وإلا كان له معك حديث مختلف لا يعجبك، ضحك بصوت مرتفع وذهب لعمله.

أكثر ما شدّ إعجابي في هذا الموقف أمانة تلك الفتاة وشعورها بالذنب، وقليل من الناس لا يفقهون معنى هذا الشعور ..



error: المحتوي محمي