أكد الاختصاصي النفسي “ناصر الراشد” على أهمية التعرف على الأفكار اللا عقلانية التي تجعل الشخص في حالة من النشاط المعرفي المرهق للجهاز النفسي، والتي تنشأ نتيجة عدم وعي الشخص بذاته، وإدراك احتياجاته النفسية، والاجتماعية، مما ينجم عنها غياب اليقظة الذهنية، والتفكير بصورة مرنة واعية تقود الشخص إلى التوازن النفسي والعاطفي والاجتماعي.
جاء ذلك خلال المحاضرة التثقيفية “كيف تستمتع بعقل هادئ؟” التي نظمها مركز البيت السعيد للتدريب الاجتماعي، يوم الثلاثاء 20 ذي الحجة 1443هـ، بمقر المركز بصفوى، بحضور 40 شخصًا من المهتمين والمهتمات بالشأن الثقافي والاجتماعي في المجتمع.
وعرض “الراشد” 6 أفكار لا عقلانية، موضحًا كيف يفسرها الشخص، مع بيان الأثر المترتب عليها، وعليه، يقدم العلاج المناسب لكل منها على حدة؛ وهي: يجب أن تكون محبوبًا من الجميع، ويجب أن تكون على درجة عالية من التميز (لعنة الكمال) وعليها لن يتقبل نفسه، وكذلك فكرة كل من أخطأ يجب أن يعاقب، كل شخص يقدم عملًا أو قولًا لا يعجبه، مما يجعله في حالة لوم هذا ونقد ذاك.
وأضاف للأفكار اللا عقلانية، فكرة أن الأمور إذا لم تسر كما أريد لها فهي كارثة، بعدها اعتقاد فكرة كل المشكلات التي نتعرض لها هي بسبب ظروف خارجية بمعنى (لا يريد أن يتحمل المسؤولية)، وكذلك الإيمان بأفكار أن الأمور الخطيرة يجب أن تقع ونستعد لها، والتجنب أهون وأسهل من المواجهة، ويجب أن يكون عالمك وحياتك هو من تعتمد عليه، وإذا لم يوجد فإن حياتك لن تكون متوازنة، وختمها بفكرة أن ما أنا فيه من فوضى هو بسبب الماضي الذي لا يتغير.
وأكد “الراشد” ضمن حديثه عن أهمية العقل الكبرى في حياة الإنسان، معرفًا العقل بالمفهوم العرفي، هو مستودع خبرات الإنسان التي يكتسبها منذ طفولته، والتي تستمر مع الإنسان طوال فترة حياته، والتي تتعدد بين الخبرات المعرفية، مثل نظرة الإنسان لنفسه، للناس، وللعالم من ناحية الخير والشر والقدرة وعدم القدرة، وكذلك الخبرات النفسية التي تتمثل في القدرة على ضبط الانفعالات والقدرة على التعبير عن المشاعر وتقدير الذات، والتوكيد الإيجابي للذات، بالإضافة إلى الخبرات الإنسانية، والاجتماعية ومنها يتولد الانبساط والانطواء والقرب، والتجنب، والتعاون أو الأنانية.
وأوضح بعض المفاهيم المتعارف عليها في أدبيات علم النفس المعرفي، والذي يقوم على أساس الوعي، الاستبصار، والتعقل، مبينًا أن أفكار الإنسان تحدد هويته النفسية والاجتماعية بشكل كبير، فكما يقال في تلك الأدبيات أن الإنسان هو ما يعتقده عن نفسه أو ما يفكر فيه طوال الوقت، مطالبًا أن يعطي الإنسان اهتمامًا بالغًا للمكون المعرفي لديه؛ حيث إن ذلك سوف ينعكس على مشاعره وسلوكه وحيويته وحركته في الحياة بشكل عام.
وشدد على أهمية امتلاك الشخص عقلًا هادئًا، يدرك المواقف التي يخوضها ويعالجها من خلال اليقظة الذهنية، وعليه يستطيع تحمل الأشخاص غير المرغوبين، وتحويل الأشخاص المسيئين له، وإغلاق طريق إساءة الآخرين له.
وذكر أن نمط التفكير له دور مؤثر وكبير على تغيير نمط الحياة سواء كان سلبيًا أم إيجابيًا، والذي يستمد من خلال التواصل الاجتماعي وتحمل المسؤولية، كما أن الغذاء الصحي والرياضة مدخل لنمط الحياة الصحي، لافتًا إلى أهمية الخبرات الدينية في حياتنا، ودورها في تعزيز الالتزام بالقيم.
وتطرق إلى بعض الدراسات التي تؤكد أن فعل الخير يعطي طاقة إيجابية، والتي تنعكس على نظرة الشخص لنفسه ومشاعره، ومن ثم على المحيط الاجتماعي من حوله وللحياة بشكل عام.
وشدد على تطبيق بعض الأساليب التي تجعل العقل هادئًا باتباع أسلوب منتظم، ووضع برنامج، وكتابته ثم البدء فيه، بالإضافة إلى اكتساب معارف جديدة واختيارها بإيجابية على مستوى الذات، والتعرف على الناس لاكتساب الخبرات منهم.
وطرح تساؤلًا؛ كيف يفكر الإيجابيون؟ مجيبًا عليه بقوله، بأنهم دائمًا ما يفكرون بشكل هادئ في الحل، وليس البقاء في المشكلة، والبُعد عن المشاعر التي تعرقل الحياة، موصيًا بضرورة عدم المبالغة في التفكير في جميع المواقف التي يمر بها الشخص، وعدم تقييم الآخرين، ولا يكثر الاستنتاجات، مع التركيز والتواصل مع ذواتهم.
ودعا إلى ممارسة التفكير والتأمل، والرياضة والتمارين الإيحائية، والابتعاد عن مصادر التوتر، على إثر ذلك ينعم الفرد بعقل هادئ ومشاعر متزنة.