الحديث المفيد هو هو جزء من فاعلية العقل النشط المولد للأفكار وهو جوهر قيمة الإنسان بوجوده في حيز الخلق اللامحدود والذي يجلعنا نعيد ضبط تفكيرنا نحو قيمتنا الحقيقية في هذا الفضاء الممتد والدال من دون ذرة شك على بديع صنع الله سبحانه وتعالى؛ إذ أن العلم لا يمكن أن يكون سبيلًا لمعرفة الله وقد اختزل ذلك المعنى بجملة من حديث الإمام زين العابدين في مناجاة العارفين تختصر الجهد على كل العلوم المتقدمة واللاحقة وهي (لم تجعل للخلق طريقًا لمعرفتك إلا العجز عن معرفتك) فلكم أن تتصفحوا كل الاكتشافات وكل التطورات العلمية الحديثة وضخامة العلوم المتشعبة ورغم كل هذا يقف الإنسان عاجزًا عن معرفته سبحانه ولنا أيضًا أن ننظر إلى كل ذلك مرة أخرى ونفكر ونتأمل في كلمة أمير المؤمنين إذ قال: “أتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر” فنرى هنا مدى عظمة الإنسان وقدرته ومكانته في الوجود إن سما بروحه وعقله وقلبه نحو الكمال الممكن في عالم الدنيا.
قف ها هنا وانظر إلى: الحلم الذي يسكن عقلك، الطموح الذي لا يفارق مخيلتك، القيمة التي تبحث عنها، والعلة التي لا ينفك ذهنك يفكر بها!
يجب أن تكون كل هذه السطور مرتبطة بمثل هذا الكلم النابع من أنموذج بشري لا مثيل له في عالم الإمكان إلا ما شاء الله حيث قال كلمته المشهورة: “معاشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني فإن هذا سفط العلم هذا لعاب رسول الله هذا ما زقني رسول الله زقا زقا سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين”.
من المؤسف جدًا ألا توضع أسس المفاهيم السامية في عقول الأطفال وينظر لهم على أنهم لا يستطيعون الاستيعاب أو الفهم وهذا ما أعاق العقول المبدعة الناشئة أن تنطلق نحو الاختراع والابتكار وجمع العلوم المختلفة إذ أن رسم صورة ذهنية في عقل طفل بقصور تفكيره أو إمكانية إبداع عقله يقتل قدرته وأداءه وإرادته وإن أردنا إجراء عملية التصحيح نحتاج إلى هدم صنمية ما وضع في ذهنه وبناء أساس جديد وهذا يحتاج إلى جهد كبير.
سؤال نشط يسكن ذهاليز العقل: كيف لخطيب بارع ببلاغة لا مثيل لها وهو لم يبلغ الحلم؟ أو كيف لعالم أن يجمع بين علم الفلك والفلسفة واللغة والفيزياء والكيمياء في عمر العشرين أو الثلاثين؟!
هذا كله كان في الزمن السابق ونادرًا ما نراه الآن والسبب هو منهجية التعليم والتغذية الذهنية والعقلية منذ الصغر من قبل الأهل والأصدقاء والبيئة التعليمية.
أنا لا أدعو لبذل المال أو محاربة شيء ما إنما أدعو لإعادة صياغة ذواتنا وسلوكنا وتفكيرنا على هذه الأسس التي تعطي الإنسان قيمته الحقيقية في عالم الوجود وليس حيز الأسرة أو المجتمع أو الوطن.
الوصول إلى الأعم المطلق وهو الوجود يحتم المنفعة لكل خاص يقع تحت مظلته.
من أكثر ما نفعني في حياتي هو الحديث إلى العقول التي تُقوم تفكيري نحو ذاتي ووجودي وتصحح سلوكي الناهض بكياني نحو إعمار الوجود وبناء إنساني يعكس جمال خلق الله سبحانه وتعالى للإنسان.
لا يوجد أسمى من العطاء الصادق وغير المشروط والذي يُنمي البصيرة ويبني الجوهر ويحقق القيمة فلنساهم في بناء الإنسان تحت عنوان شراكة مجتمعية.