تعقيبًا على مقال: «الشطرنج».. تجعل الرجل يحب المرأة ولا يهرب منها

ردًا على الكاتب في اعتقاده أن الزوج يرى بدايات الزواج مروجًا خضراء، وبعدها يصدم بتحولها لألغام دموية ويريد الفكاك منها، وفي المقابل أيضًا نجد الزوجة المسكينة تصدم عندما تحلم بتلك الحياة الوردية التي كانت تتمناها، فتتفاجأ بعد ذلك عندما تنتقل من جنة أبيها، لتعيش وسط جحيم زوجها، ومن ثم تفكر كل يوم كيف الخلاص من هذا الجحيم.

الكاتب يتهم الزوجة بأنها تحول المزهرية إلى بندقية والبساتين إلى سكاكين، لكنه ينسى أنه المسؤول الأول والأخير؛ لأن الرجل -بطبيعته- عنيد، لا يقبل التغيير، وباعتقاده أنه على صواب في كل الأحوال، حيث إن الزوجة تُرمى عليها مسؤوليات البيت والتربية كاملة، وربما تكون موظفة، ومع ذلك فهي تحاول جاهدة -من أول يوم في زواجها- أن تتأقلم مع تلك المسؤوليات، وتقوم بخدمة زوجها وأطفالها دون أي تقصير، وتتحمل وتصبر ويتحتم عليها ألا تشتكي ولا تتذمر، بينما ذلك الزوج يستمر في التسكع خارج البيت كما في أيام العزوبية، ويظل هو من يشتكي ويتذمر باستمرار.

أما بالنسبة لتحول مشاعر الحب إلى كراهية، والتراكمات التي يتحدث عنها الكاتب فهي -مع الأسف- توجد عند الزوجة أكثر مما هي عليه عند الزوج؛ فكم من زوجة كرهت زوجها بعد عشرة العمر، وأصرت على الطلاق للفكاك من جحيم ذلك الزوج الفاشل!

أيضًا، الاستدلال ببحوث الأجانب في مجال الأسرة أو العائلة غير منطقي، فهم لا يمثلون لنا القدوة؛ فالتفكك الأسري والخيانات الزوجية منتشرة عندهم، ولا نستطيع أن نتخذهم مقياسًا لنا، فأغلب العلاقات الزوجية للأجانب مدمَّرة، وأغلبهم لا يحترمون الحياة الزوجية، وربما ترى الزوجة عندهم تعيش حياة مستقلة عن زوجها، وقد يكون كل شخص منهم في بلد آخر.

أما الصبر والهدوء الذي ينصح به الكاتب الزوجة لإسقاط ملك الشطرنج (الزوج) في الحب، حتى لا يهرب منها لا يستوعبه العقل فليس هذا إلا عذر واهٍ، للهروب من مسؤولياته فقط، فالزوج بطبيعته أناني ولا يحب إلا نفسه، والزوجة نجدها صبورة جدًا، وتحاول أن تكون هادئة؛ لتوفر لعائلتها كل الاحتياجات، ولكن حين تنفد طاقتها وتطلب من الزوج المساندة في تحمل جزء من مسؤولياته، خصوصًا إذا لم يكن متعودًا على أن يتحمل أي جزء منها، حينها سيتعذر بهذه الأعذار الواهية.

رجاء للكاتب ألا يكون متحيزًا لطرف دون الآخر في كتاباته وأن يكون واقعيًا، وأن يحكم في هذا الموضوع بعقلانية، فكما يعتقد الكاتب أن الزوج يعاني وأنه مسكين، كذلك أنا أعتقد أن الزوجة مضْطَّهَدة في مجتمعنا فهي تعاني أضعافًا مضاعفة، غير العناء الذي تتكبده في تحمل المسؤوليات وأمور التربية والكفاح في عدم تفكك الأسرة، كذلك فهي تجد اللوم باستمرار من ذلك الزوج المُضطَّهِد.



error: المحتوي محمي