من أجملِ الكتب التي تستهوي قلبَ وعقلَ القارئ كتاب “نهج البلاغة” المنسوب للإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، كتاب يباع في كل المكاتب، وتوجد منه نسخ مجانيَّة في مواقع كثيرة من الشبكة العنكبوتية.
المعروف لا يعرّف! لكن وجدت في هذه المناسبة أن أحثّ القراءَ الكرام -خاصة الشباب منهم- أن يطلعوا على هذا الكتاب. كتابٌ ماتع في معرفة الله تعالى وعالم الملائكة، وطبيعة نشوء العالم، والإنسان، ومواضيع شتى عرضها الإمامُ عليّ في كلماتٍ بليغة رائعة. أقدم دعوة للتنزّه في هذا البستان والقطف من ثماره، وزيارة هذا الينبوع وأخذ غرفةٍ منه. سوف يجد القارئ الكريم أن الإمام علي (عليه السلام) بحقّ بوابة واسعة لمدينة البلاغة والعلوم. كيف لا وهو الذي قال عنه النبيّ محمد (صلى اللهُ عليه وآله): أنا مدينة العلمِ وعليّ بابها، فمن أراد العلمَ فليأتِ الباب! وقال -هو- مخبرًا عن سعة علمه: سلوني قبل أن تفقدوني، فإن عندي علم الأولين والآخرين، أما والله لو ثنيت لي الوسادة لحكمتُ بين أهل التوراةِ بتوراتهم وبين أهل الإنجيلِ بإنجيلهم وأهل الزبورِ بزبورهم، وأهل القرآنِ بقرآنِهم حتى يزهر كلّ كتابٍ من هذه الكتب ويقول يا ربّ إن عليًّا قضى بقضائك.
كتاب “نهج البلاغة” مجموعة مختارة لا غنى لخطيبٍ أو أديب أو مثقف أو عالم عن الاطلاع على ما احتواه من تراث لغوي وعلميّ بديع، مما توفر من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ورسائِله، وحِكَمه القصيرة، جمعها السيد الرضيّ أواخر القرن الرابع الهجري، وفرغ من تدوينها سنة 400هـ، مع أنني أعتقد أن الكثير من كلام الإمام علي (عليه السلام) فات عن التدوين وعن أقلام الكتَّاب وصدور الحفظة آنذاك، إلا أن ما جُمع في هذا الكتاب يظهر بكل وضوح بلاغة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)!
من الجميل جدًّا استشهاد الكتاب بمقولاتٍ مختصرة قالها مشاهير من هذا العصر ومن ذي قبل! حتمًا يستفيدون من الكلمات القصار التي توجد في هذا الكتاب. أما شراح هذا الكتاب ومن استفاد من بلاغته فهم كثر، بإمكان القارئ الكريم أن يستزيد من المعرفة عنهم عندما يبحث عن الكتاب وشروحاته.
يؤتي الحكمةَ من يشاء! شاءَ الله فأسبغَ وأفاض الحكمة على عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ومن يؤتَ الحكمةَ فقد أوتي خيرًا كثيرًا! أعطى الله عليًّا من العلمِ وسعة الاطلاع والإدراك ما لم يعط الكثير من عباده، طوبى له!