سألته أين أنت منذ مدة طويلة لم ألتقي بك؟ هل أنت مريض؟ هل تعاني مشكلة معينة؟! أجابني: لا لست مريضًا ولكني مشغول.
سألته في ماذا أنت مشغول؟ أجابني لا أعلم ولكني مشغول. قلت له: نحن مازلنا في نفس الملعب وفي نفس الوقت نتمرن. غيابك له تأثيره السلبي على الفريق. لماذا هذا الغياب؟ هل ستحضر هذا الأسبوع؟ أجابني: لا أعتقد ذلك فأنا مشغول.
قلت له: هل تعمل عملًا إضافيًا؟ هذه الأيام الحياة صعبة تحتاج إلى أن يعمل الإنسان عملًا إضافيًا. هل وجدت عملًا يعينك على متطلبات الحياة وصعوباتها؟ قال: لا، ليس من هذا النوع.
قلت له: آه تذكرت أنت مشغول في الاستعداد لزواجك. لا ألومك يا صديقي فبيت الزوجية يحتاج إلى تأثيث. يحتاج إلى أن تبحث عن أفضل الأثاث بالسعر المناسب. تحتاج أن تبحث عن صالة أفراح مناسبة بسعر مناسب. هذا يتطلب منك بذل الكثير من الوقت. حقًا لا ألومك. أنت مشغول. أجابني: لا ليس هذا أيضًا. أنا مشغول ولكن! قاطعته ولكن لا تجد الوقت الكافي للرد على رسائلي! لقد بعثت لك عدة رسائل على الواتساب، ولم أتلق منك أي رد. في إحدى الرسائل دعوتك للعشاء للتحدث حول بعض البرامج الثقافية. لكن لم أتلق منك أي رد! أجابني نعم قرأت رسائلك ولكني لم أستطع الرد عليها فأنا مشغول.
قلت له: لقد أتعبتني بكلمة مشغول ولم تقدم لي أي إجابة وافية! لم تقدم لي أي فكرة عن انشغالك! ألهذه الدرجة أنت مشغول؟! ثم قلت له: قل لي ما هو برنامجك اليومي؟ ماذا تفعل بعد عودتك من الدوام وفي المساء؟ أجابني أعود مرهقًا من العمل وما إن أضع رأسي على الوسادة حتى أنام نومًا عميقًا، أستيقظ بعدها في الساعة العاشرة.
قلت له: ممتاز وبعدها؟ صمت وقال: لا شي. قلت له: إذاً أين الانشغالات؟! قال أنت لا تعلم شيئًا قلت لك أنا مشغول وكفى!
قلت له: عذرًا أيها الفاضي المشغول. أنت موهوم ولست مشغولًا أنت تدور في حلقة مفرغة إن إحساسك بأنك مشغول يجعلك تعيش وهم الانشغال الفاضي. عليك أن تستيقظ من غفلتك. أنت تدور في وهم المشغول. إذا لم تخرج من سجن ذاتك ستجد نفسك في يوم ما في عداد الفاشلين. إنك بهذا التفكير السلبي تحرم نفسك من الاستمتاع بالحياة والقيام بأي نشاط تحبه. اسأل نفسك فقط إذا كنت مشغولًا حقاً ما هو الإنجاز الذي حققته؟!
يا صديقي تذكر قول الإمام السجاد (عليه السلام) في دعاء مكارم الأخلاق: اللهم صل على محمد وآله، واكفني ما يشغلني الاهتمام به، واستعملني بما تسألني غدًا عنه، واستفرغ أيامي فيما خلقتني له. فهذه أفضل قاعدة للقضاء على (المشغول الفاضي) واستثمار الوقت بطريقة صحيحة.