يا ربّ، في هذه العريضة نشرح إليك حالنا، أنت صاحب الأمرِ والسلطان، فانظر فيها من فضلك!
ممتنون حيث أبقيتنا وشهدنا عيدَ الحج في هذه السنة، لك الشكر والحمد على هذه الفرصة، وخالص الرجاء منك يا كريم أن تطيلَ في أعمارنا -جميعًا- ونحضر هذا العيد سنواتٍ عديدة.
يا ربّ، بعض المسائل تبقى بيننا وبينك لكي لا تنكشف مَساوئَ للنّاس. الرجاء والطلب منك الستر والهداية لأبنائنا وبناتنا، الدنيا صعبة والطريق فيها أشواك أكثر من الماضي، وأقدامهم غضَّة طريَّة، احفظهم من أن يكونوا “كالغنم المتفرقة في الليلةِ الشاتيةِ المطيرة”! مشاكلنا كبرت، وحاجاتِنا كثرت، لا يمكن حصرها في مقالٍ من كلمات! من منَّا لا يحضره اسمٌ لعليلٍ يرجو له الشفاء والبرء، مسافر يرجو له العود، محتاج يرجو له الغنى! مشاكل اجتماعيَّة لا حصرَ ولا عدَّ لها! نرفع كل هذه الطلبات لك فأنت الذي أمرتَ بالدعاءِ ووعدتَ بالإجابة: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
يا ربّ، فتشتُ في قواميس اللغة والكتب، فلم أجد طلبًا أفضلَ وأشمل من مقطع من دعاءِ الإمام الحسين (عليه السَّلام) ظهر يوم عرفة: “يا أَسْمَع السَّامِعِينَ يا أَبْصَر النَّاظِرِينَ وَيا أَسْرَعَ الحاسِبِينَ وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ السَّادَةِ المَيامِينَ، وَأَسأَلُكَ اللّهُمَّ حاجَتِي الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَنِي وَإِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما أَعْطَيْتَنِي؛ أَسأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَكَ المُلْكُ وَلَكَ الحَمْدُ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيٍْء قَدِيرٌ يا رَبِّ يا رَبِّ”، وكان يكرر قوله: “يا رَبِّ”، وشغلَ من حضرَ ممن كان حوله عن الدعاءِ لأنفسهم وأقبلوا على الاستماعِ له والتأمين على دعائه ثم علت أصواتهم بالبكاءِ معه وغربت الشمسُ وأفاض النَّاسُ معه.
يا ربّ، أطعم الجميعَ الإجابة، كلهم عبيدك ومحتاجون والجار قبل الدار! يروي الإمام الحسن (عليه السلام): رأيتُ أمِّي فاطمة (عليها السَّلام) قائمة في محرابها ليلةَ الجمعة، فلم تزل راكعةً ساجدة حتى انفجر عمودُ الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمِّيهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت: يا أمَّاه، لم لا تدعينَ لنفسك كما تدعينَ لغيرك؟ فقالت: يا بني، الجار ثم الدَّار!
أما عن تهنئة القراء -الكرام- فمن أجمل عبارات التهنئة بالعيد في بلداننا: كلّ عامٍ وأنتم بخير! الخير فيها مجهول وغير محدود، المال الوافر والبنون، الصحَّة والعافية، وأي خير أعظم من أن يعود العيد والإنسان غير عاصٍ للهِ ولا عاقّ لأمرِه؟