على غير موعد كان الرحيل!

كم داهمتني أمواج الوجع وأنا أقرأ بصفحة الوفيات يوم أمس الأربعاء، حيث سألت نفسي أكثر من مرة في لحظات هاربة قد أوجعت قلبي، بعد أن علمت بهذا الرحيل الثنائي الحزين ماذا يحدث في هذه الدنيا؟!

تتشابه الأحداث وتتكرر الفواجع، وتكثر الوفيات، فهل نحن في آخر الزمان؟! أهي النهاية؟! فكان لابد لي من كتابة هذا النص، رغم عدم معرفتي بالأخوة الراحلين! ولكن قد وجب علي تقديم مواساتي القلبية الصادقة لجميع الأهل والأحباب، كما أعتذر للقارئ الكريم على إشغاله بهذه الأحاسيس التي تنطوي على الألم والحزن على هكذا رحيل، فللأهل ولكم سأكتب بعضًا مما يخالجني من لواعج أحاسيسي دون ترتيب مسبق، فأنا حقًا لا أعرف ماذا سأكتب عن هذا المصاب الموجع الذي أفقدني سكوني! ومازلت مأخوذة بكتابة نصوص الرثاء التي تقتحم إحساسي دون استئذان! وهل هذا قدري أن أبقى رهينة لهكذا كتابة استثنائية لمن يفقد أحبابه! ماذا سأكتب عن الأخوة الأشقاء وقد رحلوا معًا دون ميعاد، وكأني ألمح قلب الأم ترى كم فيه من سهم الحزن والوجع!

في فناء القلب تقتنص حروفي أصدق لحظات الوجع والدمع، والتي تذرف للحظة وقد خطف القدر من الدنيا أخوين بذات التوقيت، ويالها من لحظة حزينة عالجميع! لست أدرك أهي الصدمة جراء خبر فقد الأخوة الأشقاء! إذ وقع علينا جميعًا الخبر كالصاعقة أم هي رهبة جلال الموت وهيبته ومن ذا الذي لا يهاب الموت؟! ولكن حين يتوق الأخوة إلى الرحيل معًا وتصبح القلوب متأهبة، يقف حينها الموت أمامهم ويحضنهم بين مفاصله كصخرة تحول دون رجعة منهم! وحين تجذبهم السماء إليها تأمرهم بالصعود على حدودها، هنا استحالة منع القدر وتأجيله حيث الموت قادم لا محالة! ليعانق رقابهم ويخطف أعمارهم!

عذرًا أيها الأخوة لم يكن هذا اختياركم بل هو القدر الذي قد تربص بكم! ليتعالى صراخ أحبابكم وتملأ الكون بالضجيج والبكاء أمام رحيلكم الصامت المهيب! وكأني أسمع الصرخة الحزينة من تلك الأم المكلومة، ولعلها تحاور نفسها لماذا وكيف للقدر ألا يشيخ وهو يلمح أولادها ويترصد أرواحهم معًا! هذا ما لا يعرفه أحد! بل الذي نعرفه أن القدر قد رمى سهامه وغلب وسلب حياتهم بأصابع الزمن، وعزاؤنا كما علمتنا أبجدية الأقدار أن نركب أمواج الرضا والصبر.

وأخيرًا، كلنا لنا مع الموت حكايات، فالموت هو ذلك الشيخ الوقور الذي يتربع على أرواح البشر، وينتظرهم ما إن يحين أجلنا، حتى يفتح أحضانه ويمد ذراعيه للمرضى للأصحاء للكبار للشباب، وللعاشقين للقاء الله والهاربين من هموم الدنيا ومصائبها! ويبقى الموت راحة وسكينة للراحلين وعذابًا وحسرة للفاقدين تحت عباءة الفراق والحسرة! هنئيًا أيها الأخوة هذه الرحلة الثنائية وبوركت لكم السماء بهذه الرفقة معًا، وعزائي ومواساتي لأحبابكم والفاتحة على أرواحكم.



error: المحتوي محمي