قال عنها أهلُ القطيف قطيفيَّة، ثم ادَّعاها أهلُ الأحساء فقالوا: أحسائيَّة! هذه الشجرة تعطي من يزرعها دون انتماء، إلا لمن يعتني بها ويزرعها. هذه هي أيام حصاد الليمون القطيفي، ومَا أحلى رائحة الليمون القطيفي! أوراقها وثمارها خضراء تبث البهجةَ والفرحة في قلبِ من يزرعها ومن يجني ثمارها ومن يستهلكها. في شهر يوليو -هذا الشهر- تعطي هذه الشجرةُ محصولها الذي يمكن استخدامه في حينه، أو الاحتفاظ به لحين لا يوجد في الأسواق، في فصل الشتاء.
سكنت هذه الشجرة بساتين القطيف وعمرتها. قالوا عنها دواء صدقوا، قالوا عنها غذاء صدقوا، قالوا عنها شرابًا مفيدًا صدقوا. ثمرتها السر في المذاقِ البديع لطبخةِ السمك القديمة “المطبوخ”، مع أسماك الكنعد والهامور. وجبة لا يعرفها أبناءُ هذا الجيل، أما القدامى فطالما استطابوا طعم “المطبوخ” أو مرق السمك، مع الليمون البلدي المسود، وقشور الرمَّان المجفف.
كانت الأشجار والغطاء النباتي في القطيف كثيفًا جدًّا، وأشجار الحمضيات بكل أصنافها متوفرة. ومن الضرورة بمكان ألا تتصحر الأرضُ والبيئة، فها هي الرياح تهب عاصفةً بين يومٍ وآخر، فلا بد من غطاءٍ يصد الأتربة، ينقي الهواء ويجمل المنظر.
شجرة الليمون القطيفي تصبر على صعوبة العيش وملوحة الماء، جميلة مثل بنيات القطيف، وفيَّة مثل رجالها، قليلة الطلبات سوى الماء وبعض التسميد والشمس! واحدة في البيت، أو في البستان، تحمل ما يكفي لسنةٍ كاملة من عصائر الليمون البلدي، وتصد عنا الرياح التي تعوي كلَّ يومٍ مثل الذئابِ المجروحة!
كل أشجار الليمون جميلة، لكن لا يقرب جمالها من جمال الليمونة القطيفية. صبية قطيفية رائعة الجمال، متى اصطفت جنبًا إلى جنب مع جميلاتٍ أخريات، كان قصب السبق في الجمالِ لابنةِ القطيف. أكاد أجزم أن لو زرع كلُّ واحدٍ منا شجرةً واحدة -لا غير- واعتنى بها لرأيتَ اللونَ الأخضر يشعّ ويكثر من حولنا. لم لا؟ فأرضنا تصلح لكثيرٍ من الشجر، ومن لا يصدق فلينظر في بساتينِ القطيف، وما يثمر فيها من أنواع التين والليمون والرمَّان والنَّخيل واللوز والعنب والمانجو والموز!