وجه مشرقُ فقدته صفوى

من حق من لا يعرف أبا رامي أن يمر على خبر رحيله بشكل طبيعي، كما هو حال هذه الدنيا الفانية التي تُذِيقنا طعم المُر والعلقم في كل يوم نفقد فيه عزيزًا، ولا يملك المؤمنُ إلا التسليم لقضاء الله وحكمته، إلا أن رحيل المميزين يترك ألمًا وبصمةً لا تُمحى.

المنهجية التي سلكها الفقيد الغالي أبو رامي -رحمه الله- منذ نعومة أظفاره، وتحديه الصعاب في تلك الحقبة التاريخية، حتى ارتقى السُلّمَ الأكاديمي، ومن ثم دخوله معترك الحياة الاجتماعية بكل صمت وهدوء وحكمة من خلال آرائه وانطباعاته، وتوصيفه أسباب المشكلة واقتراح حلولها، وكذا مشاركاته لمن يعرف ذلك عن قرب، وحتى منهجيته الرَحِمية “صلته وعلاقته بأرحامه”، وكذا منهجيته الأخلاقية في طِيب العريكة، والتعامل الاجتماعي مع جميع الطبقات
ومستوياتهم، كل تلك الإشارات الخاطفة
تعكس لنا دروسًا للإفادة والاستفادة.

المقام لا يسمح بتفاصيل؛ فالقلب يعتصره الألم، وقد تسنح فرصُ أخرى، لكني أُشيرُ إلى موقف واحد هو دفعه الشباب للتخطيط للمستقبل من خلال لقاءات أو مقابلات، وذلك من خلال تقديمه النصح والإرشاد. أُشيرُ إلى موقف يعكس إصراره على خدمة مجتمعه من خلال فكره النيّر؛ فقبل أكثر من سنتين تم الاتصال به لإلقاء كلمة باسم المجتمع في اجتماع الجمعية العمومية في الدورة الإدارية التاسعة عشرة، وبالرغم من ضعف صوته وتعرضه لأزمة صحية آنذاك جعلت صوته مختنقًا أصرّ على المشاركة من خلال كلمة قيمة ألقيتها عنه بالنيابة وكلفني بذلك، وأدعو -هنا- الجميع للرجوع إليها لقراءتها؛ حيث سنلاحظ من خلالها التشخيص الدقيق ووضعه الأمور في نصابها.

لقد ارتحلت يا أبا رامي في يوم جمعة مميز، وذكرك العطر منتشر بين أفراد مجتمعك، إلا أن صفوى فقدت وجهًا مشرقًا.. صبّ الله على قبرك شآبيب الرحمة والرضوان، وألهمنا وفاقديك الصبر والسلوان.



error: المحتوي محمي