تأملات في بارقة السعادة.. ولَو تَصَفَحت أَورَاقِي لِتَقرَأَها… رأَيت تأَمُّلاتي جُلَّ أَوراقي

1. أشبِّه بِنيَة السعادة، بأَلوان قَوسِ قُزَح السبعة… فكل لَونٍ مُستقلٍ له مَدلُوله الضوئي التحليلي، ودَرجة مَوجَته الفيزيائية، المُنعكِسة انجِذابُا، وحُبًا، وصَبَابة في نَاصِية مَراقي شِغَاف القلب؛ لتَتنامى مُجتمعة مُتآلفة، في نَسج أَحلَى وأمتَع سِيمفُونية، مَخملية المَلمَس، مُتناغِمة النوتات المُوسيقية، ومُترابِطة الوَصلات الإِيقاعِية، مِن فن صِياغة حِياكة رَاقية، برِقة وخِفة أَنامِل ذَهبية؛ وانسياب لَمسات مِن خُيوط حَريرية؛ وانسَكابِ دَاخِلة النفس الشاعرية؛ ودَبيب هِمَّة إِبرة مَاسِية… تَرقَى مُتعالِيةً، في حَثِيث صُفوفِها المُتجانسة، زَهوًا مَلحوظًا؛ وتَنتَشي مُتخِطيةً بكِبريائها المَحض، دون أَدنَى استأذان؛ وتَتسلل بحُسنها الفاتن إِلى كَلكَل بَهو استنساخ قَطيفة فارِهة، يَتوق العَاشق الوَلهان إِلى ارتدائها، كُلما أرادَ أَريحية الاستمتاع المُرَفَّه، بِارتشِاف كُؤوسٍ دِهَاقٍ، مِن رَيع مَذاقات مُصفاةٍ؛ واحتِساء خُلاصَات مُنقاةٍ، مِن مِزاجِ إِكسِيرٍ حَيوي فَاخِر… !

2. يَحتاج نَشر عِطر السعادة “الملكي” الفاخِر في- يَومنا المُعاش المُعاصر- إلى صِياغة مَقاطِع مِن أَرقى وأَسمى العُرُوض الترويجِية المُتجدِّدة؛ وبَراعَة أَنعَم وأَفخَم نَسجٍ وسَككٍ مِن أَحدَثِ، وأجَدِّ نَسَق فن صِناعة الدعاية “المسموعة- المرئية” بأَبعادِِها الثلاتية… ورُبما إِلى مَدٍ عَارمٍ مِن اكتساحٍ كَاملٍ لِمُستقبلات ومَجَاس شبكة الحَواس المُتيقِظة، وُصُولًا إِلى مَشارِف ومَراقِي أَعتاب الحاسة السادسة المُنتفِضة؛ ثم التوغُّل، الكاسِح الماسِح قُدُمًا، إلى عُقر جَواد سُوحِها المُتسِعة المُشرقَة، رَسمًا وتَخطِيطًا!

3. أَرى، مُنذ عُقودٍ مَضَت، أَنَّ قِوام السعادة الدائِم، وإِدامَها الدَّسِم، يَتمثَّلان بتمَوضِع راسِخ، في أَعلى قِمم رُؤوس مُثلث جَذابة: أَولها، أَنْ تكون لَدَى الشخص المُعتبَر أُمنية، مَرسُومة مَعلوُمة، يَسعى جَاهدًا كادحًا، إِلى تَحقيقها. وثانيها، عِنده مِهنة أَو هِواية، شَائقة مَاتعة، يَرعاها بربيع العِشق الدافئ؛ ويتولَّاها ببديع التطوِير الذاتي- ويجِّد بحَضرَتها مُثابرًا مُواضبًا، بحَماسة وكِياسة، رَغبة في الاستمتاع، وبُغية في نَيل الرضا الذاتِيين الكامِلين، بمَعية التماس مُرونة وأَريحية إِمتاع الآخرين مِن حَوله؛ والمُلفت في الأَمر، أَنْ يستشعر الآخرون طَواعية، صَفاء ونَقاء رَيع ذلك العطاء المُسدَى “بشفافِية اللياقة” المُتدفقة، مِن أَصلِ جُذورٍها المُعفَّرة، في ذَرات تُربة عَالية الخُصوبة. وثالثها، أَنْ يكون للشخص المَنظور خَليلٌ، وَسيم الخِلقة، وشَهم الاَرُومة، ودَمِث الطوِية، وسَمْح السريرة… يُشاطِر خِلَّه التِّرب فَائق لَفتات الحُب المُشتركة؛ ويُقاسِمه رَائق رَشفات العِشق الهَانئة؛ ويُناصِفه أَصدق “شَهقات” انتقائية ضَافِية مِن نَبع نهر صَبابة الحُب الدائم؛ ويُوآزره، إِمتاعًا وإِنعامًا، برَوافد رَافِدة مِن هَبُوب المُخالَلَة المُخلصة، مَشفوعة شَمائلها الكريمة بتَطابُق وتَماثُل مُتأَصلين، في عَضُدِ مَفاصَل طَبيعَة السِّيرة، وسُمعَة المَسِيرة… وذَاك أقصى شَغَف المَنال؛ وأَعلى درجات نَهَم النضال؛ وأَسمى قِمم مُثلث السعادة المَنشودة، قلبًا وقالبًا!

4. يَرى ويُدرك السعداء المُتآلِفون أَن “مُنتدَى السعادة” الحالِم، الصارِم، الدائِم، يتَّسع في فَسَاحة بَهوه الأَرحَب إلى تسريب بَوائق؛ أَو تَسلل شَوائب؛ أَو انفلات خِلافات هَامشية جَانبية، ثتطفَّل بحَماقَة وصَلافَة، كالحَامُول المُهلِك؛ لتعكِّر صَفو سِلسِة تداول وتناول أَجِندات حِوار رَائقة، في حِينها؛ لتتلقفُها، برِفق وصِدق، قُلوب السعداء المُبتهجين، قبل أَن يَتصَعَّد قِطاف زَفيرِها الخانق إلى ذُروة شُموخ أَرنَبة الأَنفاس السامقة؛ لتنفُث بعضًا مِن رَوائح فاسِدة، تَؤول إِلى كَراهةٍ مَمقوتة؛ وتَنوء بتَثاقلٍ مَلحُوظ في- دَرس وطَمس- عُقَدٍ جَعداءٍ مُلتويةٍ، في اعوجاج حِبال المُستجدات السلبية الهامِشية؛ لِئلا تَزداد تَعقيدًا؛ وتَتعاظَم تشابُكًا؛ ويَقسُو عُودُها!

5. وهناك، في أَعلى عَنان الأُفق القريب، تَلُوح وتَنتَصِب مِظلة “السلام الداخلي” فوق نُعُومة سَنام رَبوة حَانية حُبلى، بمَا لها، ومَا عَليها مِن طِيب راحة البَال، وطُمأنينة الحَال، ونَزعَة الرحمة بالأنجَال… مُنعَّمَة بوَثاق المَحبة؛ ومُتوشِّحَة برِداء الوِصَال… ومَن يَستظل بغِطاء المظلة الضافي؛ ويَستجير فوق مُلاءَة كَنفها الشافي؛ ويَحتمِي بحُضنها الدافئ، هو بحاجةٍ للانضِواء الحميم، والحِماية الآمنة، والالتِفاف الرحيم… حَول جَناح ظِلها الوَارِف، وامتدَاد فَيئها الظلِيل الوَاسِع… وهُناك تَتجلى- في رَحَابَة أَجوائها الساخِنة- وتَتهادَى، في عُرْض عَرَصَاتها الواسعة آفاق سَنا بَرق السعادة الوادِعة، بأَصدائها الرائِعة؛ وتتناغُم أَواصر المَحبة الصادِقة بأَطيافها القزحِية؛ وتَندَى، رَسمًا وهَيئةً، بمًعطيات الأْلفة، بمَرامِيها السخِية؛ وتُسقَى أخاديدُها المَلأَى رِيًا وسِقاية سَرمدِية، بنبع سِر الحياة؛ لتَنضَحَ وتَنتَحَ مُغتبطةً مُتهلِّلَةً، بسَلسَبيل مَكارِم بَارِقاتِ السعادة السامِقَة!



error: المحتوي محمي