«ها هي الاختبارات قد انتهت وها هي العطلة الصيفية قد أشرقت شمسها ذلك الإشراق»
إنها كلمات تفوَّه بها أحمد أمام أستاذه ليتبعها بسؤاله التالي:
– أحمد: كيف أكون شاعرًا في العطلة الصيفية بعدما علمتني أوزان الشعر أيها الأستاذ؟
– الأستاذ: لا بد أن تضع لك خطة للقراءة اليومية يا أحمد.
– أحمد: وهل أكون شاعرًا بالقراءة؟
– الأستاذ: نعم يا أحمد، فالقراءة هي الأساس الذي ينطلق منه العمل الثقافي أو الإبداعي، والقصيدة لا تكون قصيدة إذا ما جاءت فقيرة في تأملاتها وخيالاتها ومحمولاتها الثقافية.
– أحمد: ألا يكفي الوزن -أستاذي- مع التأمل والتخيل؟
– الأستاذ: لا، لا، فالقصيدة لا بد أن تكون غنية في معانيها ودلالاتها التي تدفع المتلقين إلى قراءتها استمتاعًا واحترافًا.. أما الوزن والتخيل فهما من أساسياتها، وبهما يفرق بين الشعر وفنون القول الأخرى.
– أحمد: لكني أميل إلى الاستماع أكثر من القراءة.
– الأستاذ: جيد فالاستماع مهم ولا غنى عنه، فهو يعطيك الدافعية ويمنحك شحنة عالية تدفعك إلى امتشاق عباب بحر الإبداع.
– أحمد – مقاطعًا: أرحتني يا أستاذي فسأكتفي بالاستماع فقط.
– الأستاذ: ما أريد قوله -تلميذي الطموح- أن الاستماع مهم، لكن القراءة أهم منه، فالكتاب خير جليس -على حد تعبير أبي الطيب المتنبي- تجده كريمًا معك كلما تناولته وقلَّبت صفحاته.. فعليك بالاعتياد على القراءة يا أحمد.
– أحمد: فما نوع الكتب التي تنصحني بها أستاذي العزيز؟
– الأستاذ: دواوين الشعر والموسوعات الشعرية، بالإضافة إلى كتب الأدب والنقد، ليرتفع عندك الحس الأدبي والذائقة النقدية.
– أحمد: وأكون شاعرًا؟!
– الأستاذ: ستكون كذلك بشرط الجد والاجتهاد في العكوف على القراءة يتخللها محاولات كتابية، وقد تتعب فتعصر مخك -كما يعبرون- ولا تفلح بقول بيت شعر واحد.
– أحمد: أعصر مخي وأفشل؟!
– الأستاذ: الإخفاق مع عدم اليأس في تكرار المحاولات هو طريق النجاح الذي سلكه كبار الشعراء فصاروا بتعبهم وكدهم من الشعراء الخالدين على مر التاريخ.
– أحمد: يبدو أنني قد أثقلت عليك وأطلتُ -أستاذي الفاضل- فهلا نصحتني بكلمة أخيرة أضعها نصب عيني.
– الأستاذ: عليك أن تقول في نفسك وتلهج بلسانك منشدًا:
“وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانه … لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائل”.
– أحمد: جميل جدًا -أستاذي الكريم- هذا البيت لكن لا أدري يا أستاذي هل يطفح هذا البيت بالغرور أم هو ثقة عالية؟
– الأستاذ: بل هو ثقة عالية بالنفس وبها مع توفير مستلزماتها يحقق الإنسان آماله، وأرجو أن تكون كذلك تلميذي الطموح.
– سأكون كذلك -إن شاء الله- وأعمل بخطة القراءة وبنصائحك الذهبية أستاذي العزيز.
– الأستاذ: سأراك -ثقة مني بك- شاعرًا في العطلة الصيفية وأراك مبدعًا فيما تستقبل من الأيام والسنين، يخلدك التاريخ كما خلد غيرك من الشعراء والكتاب والمبدعين.
– التلميذ: شكرًا لك على تشجيعك أستاذي.. سأكون جديرًا بالثقة التي منحتني إياها.
– الأستاذ: أنت لها ما دمت لها، وهي بك ما دمت بها!