هذه الخاطرة بلغة شبَّان وشابَّات هذا الزمان، فكل زمانٍ له لغة ومصطلحات، وعادةً ما نتهم نحن -الأكبر سنًّا- بأن لغتنا خشبيَّة جامدة، توقفت عن فهمِ مشاكل الزمن الحاضر!
من الملاحظ أن بعضًا من النَّاس -أغلبهم شباب- يستهويهم نشر مقاطع مصورة في وسائل التواصل والتطبيقات الحديثة: أنا كفرت، أنا ألحدت، أنا أنا أنا. هذه التصريحات تحتاج إلى إعادة نظر مرةً واثنتين. ومن المؤكد أن كثيرًا منها لو أُعيد النظر فيه لما نُشر وانتشرَ بين النَّاس من مكابرةٍ الله وتحدي الناسَ في أخلاقهم!
لا يأخذكَ الغرور، لا تفضح نفسك، لا تنشر صورةً تأسف عليها بعد سنوات، لا تنشر كلامًا تودّ أنك لم تقله بعد مدَّة، يستر الله عليكَ ويغفر ما دامت المعصية بينكَ وبينه، فإذا خرجت عن الاثنين وذاع السرّ الذي بينك وبين الله، اختلفَ الحساب. ” كل بني آدم خطَّاء” إلا من رحم ربنا “وخير الخطائين التوابون”. فإذا عصينا نستتر، لا نتحدى الله والنَّاسَ بالمعاصي. أما إذا تحدينا الله بالمعصية كابرنا كبيرًا لا يطاق!
لا تفخفخ وتفاخر بالباطل، في كل زمانٍ عصاة! ملحدون، منكرون لفروضٍ وأحكام، متنكرين لفضائل، لا حدود ولا خطوط حمر عندهم، يغفر الله كلَّ ذنبٍ لمن يشاء إلا الشرك، لكن حذار الابتهاج بالمعصية ونشرها بين الأصدقاء ورميها في وجوهِ النَّاس.
إذا انتشرت مقاطعكَ وصورك، تبقى تتداولها أيدي النَّاس، فهذا فرحٌ لك بالمعصية، وآخر مهمومٌ لأنك كسرتَ حاجزًا اجتماعيًا وشجعت على الرذيلة، وتبقى هذه الصور ما شاء الله، لا تُمحى، ما الفائدة منها؟! بعد الموت، إما تبقى ذكراك في صورٍ وحركاتٍ جميلة يراها النَّاس ويقولون: رحمه الله، كان شخصًا طيبًا محترمًا، أو يقولون: تمنينا أنه ترك ذكرى وإرثًا أفضل من هذه المقاطع.
عن رسول الله (صلى اللهُ عليه وآله): “كلّ أمتي معافى إلا المجاهرين الذين يعملون العملَ بالليلِ فيستره ربه، ثم يصبح فيقول: يا فلان إني عملتُ البارحة كذا وكذا”. فذلك الله سبحانه يريد لنا الستر ولا يحب التّجاهر بالكلام البذيء، ونشر عيوبنا ومعاصينا وفضَائحنا بين الناس!
ماذا ينفع من ينشر معاصيه في وسائل التواصل غير الشهرة الزَّائفة الزائلة؟ لنا رب غفور، إذا عصيناه غفر وإذا أطعناه شكر. فلماذا نُذيع معاصينا ونتحداه “المُذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بالسيئة مغفور له”.
ثمَّة لفتة إنسانية: انشر الفضيلةَ، فإن عجزتَ فلا تسهم في نشرِ الشرّ والرّذيلة!