يهزُّ قلبي غياب قلمي

من حبر قلمي يتجلى فيه ثمة قهر وقلق! وبينهما أرق أكاد أتحسسه بين جفوني! ولعله العائق الذي يبعدني عن الكتابة بين حين وحين! أنا أفخر حين يقرأ مقالاتي أي متلقٍ في كثير من الحالات نعم، من تجربتي الفكرية مع الكتابة حيث أفهم الكتابة بأنها صدى كاتبها وأفكاره، ونفسيته ومزاجه وقابليته. حيث لا أستطيع أن أكتب إلا من خلال الحالة النفسية التي أكون فيها والمواقف التي أعيشها، والتي يتخللها لحظات حين تكون مشبعة بالمرارة والحنين داخلي! أجد في عالم الكتابة الحرية والحنين وحتى الحلم، فهو عالم واسع جدًا لأنه لا يعرف المستحيل، هذه الأحاسيس أعيشها وأنا أكتب هنا، رغم إدراكي أن كتاباتي أصبحت شحيحة! لكني وسط ذلك كله لا أنسي الرسالة الهادفة من وراء الكتابة، أستمد وأجدد طاقتي الروحية والفكرية لأنها تخلق الحلم بداخلي وتشعرني بوجودي بالحياة.

في حياتي ودّعت أحبابًا كثيرين، ودّعتهم بالحزن وبذكريات عزيزة رحلت معهم ولكنها باقية في كياني، أقرباء من الأهل كانوا أو صديقات أو أحباب، لاسيما في فترة الجائحة التي داهمتنا وعبثت بحياتنا كثيرًا لعله ثمة سوء فهم!

لم نعد نلتقي ولا نحكي ولكن قد نبكي، حاليًا أراني مستوطنة ركني المتواضع في بيتي. أقرأ وأشاهد وأتابع ما يحدث هنا وهناك وأتذكر بعض اللقطات العتيقة والتي ألحت على ذاكرتي بقسوة، وبمثل هذا الشعور لا أنكر أيضًا لقد منحني الله الصبر والإيمان والتوازن. وهكذا ينقضي معي الوقت رغم بعض المواقف، والتي لا يمكن في نظري نسيانها، رغم انتظارنا للأفضل! مهما يكون، لن وليس لي أن أبتعد عن قلمي وإن تأخرت، أعتقد أنّ التأخير هنا ليس مقصودًا وليس أسلوبًا للفرار من التواجد هنا، فالكتابة ليست أدبًا عبثيًا أو عشوائيًا للكاتب، لكن يبدو أنّ واقع الحياة السريع، يبعدنا قليلًا.

وأنا أعيش بما أملك من الفكرة والقدرة على الكتابة أمام الحياة العابثة وإن تأخرت! حريصة على تواجدي هنا، وحريصة كامرأة على الظهور بالصورة الحقيقية الساكنة في الحياة اليومية بكلّ ما فيها من الآلام والآمال المؤجلة رغم التحفظ، لم أتعود التجمّل بنوع من زينة النساء، إنني هي أنا كما أنا دون قناع دون زيف أما قلمي وكتبي فهي كل ثروتي! باختصار شديد أنا مهتمة بفكري كامرأة واحتياجي في واقع يحاصرني في كثير من الأوقات.

طالما يشغلني الهم الإنساني منذ طفولتي المستنزفة والتي مازالت عالقة ولم تفارق ذاكرتي، حيث وعيت أنه هناك قدر إلهي يترصد حياتي الشخصية، وأصبح منذ الصغر شاغلي معرفة ما وراء ذلك، وإن سنين عمري تأخذ طريقها إلى منعطفات ومفارقات أخرى لا تشبهني ولا أستحقها، وهنا لا أجد غير الكتب وما يقع منها في يدي للوصول إلى معرفة جادة عن الحياة بأقدارها، والتي قضيتها لسنوات عمري أقرأ وأفكر وأكتب، لم يهدأ لي بال أو فكر إلاَّ عندما وجدت نفسي بطريقتي. أدرك تمامًا أن البعض يفهم ويلمح كيف كانت طفولتي المجهدة وآثارها داخل روحي، لا أخفيكم من داخلي أتحدث ما زلت على مدار القلق.

حين انتهيت من هذا النص لا أدري لماذا تَخيلت نفسي وتذكرت وأنا أكتب موضوعًا بعنوان ماذا تتمنين أن تصبحي بالمستقبل بمادة التعبير! وكنت حينها في المرحلة المتوسطة، وفي نفس الوقت كتبت أمنيتي أن أصبح مضيفة طيران لعلي أمنح أمنيتي العزم وأتركها تتسلق ضوء القمر، لم أكترث لحياتي التي استنزفها القدر أن تسابق كل طموحاتي، دائمًا منشغلة بمساعدة من حولي بالبيت بكل إنسانيتي ومشاعري! وهنا ابتسمت وحدي لهكذا أمنية! وكأني اختصرت أمنيتي كفراشة نالها التعب والعناء لربيع حجمه أكبر من ذهني وفكري، والملقى على تواجدي كإنسانة خلقت من أجل العطاء، على التحليق مع طالباتي في سماء واسعة من الدروس الإنسانية الحرة وقد حلّقت معي عشرات الآلآف من بنات مجتمعي على مدى عقدين من الزمن، ولعل أمنيتي ما زالت بكرًا لم أجد أني حققت كل ما أريد!

أطمح أن أكون عند حسن ظن بعض القراء وأظل أعيش وسط هذا العالم الجميل.



error: المحتوي محمي